{ وَٱذْكُرْ } يا محمد لأهل مكة، { فِي ٱلْكِتَابِ } ، يعني في القرآن أمر { إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً } ، يعني مؤمناً بالله تعالى، { نَّبِيّاً } [آية: 41]، مثل قوله سبحانه:{ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ } [المائدة: 75]، يعني مؤمنة. { إِذْ قَالَ لأَبِيهِ } آزر: { يٰأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ } الصوت، { وَلاَ يَبْصِرُ } شيئاً، يعني الأصنام، { وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً } [آية: 42] في الآخرة. { يٰأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ ٱلْعِلْمِ } ، يعني البيان، { مَا لَمْ يَأْتِكَ } ، يعني ما يكون من بعد الموت، { فَٱتَّبِعْنِيۤ } على ديني، { أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً } [آية: 43]، يعني طريقاً عدلاً، يعني دين الإسلام. { يٰأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ ٱلشَّيْطَانَ } ، يعني لا تطع الشيطان في العبادة، { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيّاً } [آية: 44]، يعني عاصياً ملعوناً. { يٰأَبَتِ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ } ، يعني أن يصيبك، { عَذَابٌ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ } في الآخرة، { فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً } [آية: 45]، يعني قريباً في الآخرة. فرد عليه أبوه، فـ { أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يٰإِبْرَاهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ } ، يعني لئن لم تسكت لأشتمنك، { وَٱهْجُرْنِي مَلِيّاً } [آية: 46]، يعني أيام حياتك، ويقال: طويلاً، واعتزلني وأطل هجراني، وكل شىء في القرآن لأرجمنك، يعني به القتل، غير هذا. حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، عن أبي صالح، عن مقاتل، عن ابن عباس: واعتزلنى سالم العرض لا يصيبك منى معرة، { قَالَ } إبراهيم: { سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } [آية: 47]، يعني لطيفاً رحيماً. { وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ، وأعتزل ما تعبدون من دون الله من الآلهة، فكان اعتزاله إياهم أنه فارقهم من كوثا، فهاجر منها إلى الأرض المقدسة، ثم قال إبراهيم: { وَأَدْعُو رَبِّي } في الاستغفار لك، { عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً } [آية: 48]، يعني خائباً بدعائي لك بالمغفرة. { فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَ } واعتزل { وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الآلهة، وهي الأصنام، وذهب مهاجراً منها، { وَهَبْنَا لَهُ } بعد الهجرة إلى الأرض المقدسة، { إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً } [آية: 49]، يعني إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب. { وَوَهَبْنَا لَهْمْ مِّن رَّحْمَتِنَا } ، يعني من نعمتنا، { وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً } [آية: 50]، يعني ثناء حسناً رفيقاً يثني عليهم جميع أهل الأديان بعدهم.