{ وَٱضْرِبْ لَهُم } ، لكفار مكة، { مَّثَلَ } ، يعني شبه، { ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ } ، يعني بالماء، { نَبَاتُ ٱلأَرْضِ فَأَصْبَحَ } النبت { هَشِيماً } ، يعني يابساً، { تَذْرُوهُ ٱلرِّياحُ } ، يقول سبحانه: مثل الدنيا، كمثل النبت، بينما هو أخضر، إذ هو قد يبس وهلك، فكذلك تهلك الدنيا إذا جاءت الآخرة، { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } من البعث وغيره، { مُّقْتَدِراً } [آية: 45]. { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، يعني حسنها، { وَٱلْبَاقِيَاتُ ٱلصَّالِحَاتُ } ، يعنى: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، { خَيْرٌ } ، يعني أفضل، { عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً } في الآخرة، { وَخَيْرٌ أَمَلاً } [آية: 46]، يعني وأفضل رجاء مما يرجو الكافر، فإن ثواب الكافر من الدنيا النار، ومرجعهم إليها. حدثنا عبيد الله، قال: حدثني أبي، عن الهذيل، عن مقاتل بن سليمان، عن علقمة بن مرثد وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الباقيات الصالحات: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر " { وَيَوْمَ نُسَيِّرُ ٱلْجِبَالَ } من أماكنها، { وَتَرَى ٱلأَرْضَ بَارِزَةً } من الجبال والبناء والشجر وغيره، { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } [آية: 47]، فلم يبق منهم أحد إلا حشرناه. { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً } ، يعني جميعاً، نظيرها في طه:{ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفّاً } [طه: 64]، يعني جميعاً، { لَّقَدْ جِئْتُمُونَا } فرادى ليس معكم من دنياكم شىء، { كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ } ، حين ولدوا وليس لهم شيء، { بَلْ زَعَمْتُمْ } في الدنيا، { أَن لَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِداً } [آية: 48]، يعني ميقاتاً في الآخرة تبعثون فيه. { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } ، بما كانوا عملوا في الدنيا بأيديهم، { فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ } ، من المعاصي، { وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا } ، دعوا بالويل، { مَا لِهَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ } ، يعني لا يبقي سيئة، { صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا } ، يعني إلا أحصى الكتاب السيئات، { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ } ، يعني تعجل له عمله كله، { حَاضِراً } ، لا يغادر منه شيئاً، { وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [آية: 49] في عمله الذي عمل حتى يجزيه به.