الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } * { وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِٱلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً } * { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً }

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ } ، نزلت في أبي جهل وأصحابه، { قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي } ، وهو ملك عظيم على صورة إنسان أعظم من كل مخلوق غير العرض، فهو حافظ على الملائكة، وجهه كوجه الإنسان، ثم قال سبحانه: { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [آية: 85]، عند كثيراً عندكم، وذلك " أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: إن في التوراة علم كل شىء، وقال الله تبارك وتعالى للنبى صلى الله عليه وسلم: قل لليهود: { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } ، عندي كثيراً عندكم، وعلم التوراة عندكم كثير.

فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: من قال هذا؟ فوالله ما قاله لك إلا عدو لنا، يعنون جبريل، عليه السلام، ثم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: خاصة لنا إنا لم نؤت من العلم إلا قليلاً؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم " بل الناس كلها عامة " ، فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا أنت ولا أصحابك؟ فقال: " نعم " فقالوا: كيف تجمع بين هاتين؟ تزعم أنك أوتيت الحكمة، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً، وتزعم أنك لم تؤت من العلم إلا قليلاً " ، فنزلت:وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ... } [لقمان: 27] إلى آخر الآية، ونزلت:قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً... } [الكهف: 109] إلى آخر الآية.

ثم قال سبحانه: { وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِٱلَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ } من القرآن، وذلك حين دعي النبي صلى الله عليه وسلم إلى دين آبائه، { ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً } [آية: 86]، يعني مانعاً يمنعك منا.

فاستثنى عز وجل: { إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ } ، يعني القرآن كان رحمة من ربك اختصك بها، { إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيراً } [آية: 87]، يعني عظيماً حين اختصك بذلك.