الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } * { يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً }

ثم ذكرهم النعم، فقال سبحانه: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ } ، يقول: فضلناهم على غيرهم من الحيوان غير الملائكة حين أكلوا وشربوا بأيديهم، وسائر الطير والدواب يأكلون بأفواههم، ثم قال عز وجل: { وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ } على الرطب، يعني الدواب، { وَ } حملناهم في { وَٱلْبَحْرِ } ، على اليابس، يعني السفن، { وَرَزَقْنَاهُمْ } من غير رزق الدواب { مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا } من الحيوان، { تَفْضِيلاً } [آية: 70]، يعني بالتفضيل أكلهم بأيديهم.

{ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ } ، يعني كل أمة بكتابهم الذى عملوا في الدنيا من الخير والشر، مثل قوله عز وجل في يس:وَكُلَّ شيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِيۤ إِمَامٍ مُّبِينٍ } [يس: 12]، وهو اللوح المحفوظ، { فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ } الذي عملوه في الدنيا، { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } [آية: 71]، يعني بالفتيل القشر الذى يكون في شق النواة.

{ وَمَن كَانَ فِي هَـٰذِهِ } النعم { أَعْمَىٰ } ، يعني الكافر، عمي عنها وهو معاينها، فلم يعرف أنها من الله عز وجل، فيشكو ربها، فيعرفه فيوحده تبارك وتعالى: { فَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ أَعْمَىٰ } ، يقول: فهو عما غاب عنه من أمر الآخرة من البعث والحساب والجنة والنار أعمى، { وَأَضَلُّ سَبِيلاً } [آية: 72]، يعني وأخطأ طريقاً.