الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } * { قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً } * { قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً } * { وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ وَٱلأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لآدَمَ } ، منهم إبليس، { فَسَجَدُواْ } ثم استثنى، فقال: { إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } [آية: 61] وأنا خلقتني من نار، يقول ذلك تكبراً.

ثم { قَالَ } إبليس لربه عز وجل: { أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا ٱلَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ } ، يعني فضلته عليَّ بالسجود، يعني آدم، أنا ناري وهو طيني، { لَئِنْ أَخَّرْتَنِ } ، يقول: لئن متعتنى { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ } ، يعني لأحتوين { ذُرِّيَّتَهُ } ذرية آدم، { إَلاَّ قَلِيلاً } [آية: 62] حتى يطيعوني، يعني بالقليل الذي أراد الله عز وجل، فقال:إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ } [الحجر: 42]، يعني ملكاً.

ثم { قَالَ ٱذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ } على دينك، يعني من ذرية آدم، { فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ } بأعمالكم الخبيثة، { جَزَاءً } ، يعني الكفر جزاء، { مَّوْفُوراً } [آية: 63]، يعني وافراً لا يفتر عنهم من عذابها شىء.

ثم قال سبحانه: { وَٱسْتَفْزِزْ } ، يقول: واستزل { مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } ، يعني بدعائك، { وَأَجْلِبْ } ، يعني واستعن { عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ } ، يعني كل راكب يسير في معصيته، { وَرَجِلِكَ } ، يعني كل راجل يمشي في معصية الله عز وجل من الجن والإنس من يطيعك منهم، { وَشَارِكْهُمْ فِي ٱلأَمْوَالِ } ، يقول: زين لهم في الأموال، يعني كل مال حرام، وما حرموا من الحرث والأنعام، { وَٱلأَوْلادِ }.

حدثنا عبيد الله، قال: حدثنا أبي، عن الهذيل، عن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: إن الزنا، والغضب، والأولاد، يعني كل ولد من حرام، فهذا كله من طاعة إبليس وشركته.

ثم قال سبحانه: { وَعِدْهُمْ } ، يعني ومنيهم الغرور ألا بعث، { وَمَا يَعِدُهُمُ ٱلشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً } [آية: 64]، يعني باطلاً الذي ليس بشيء.