الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } * { وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّءْيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً }

{ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ } مع محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك أن عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، والحارث بن هشام بن المغيرة المخزوميين، سألا النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم الله الآيات كما فعل بالقرون الأولى، وسؤالهما النبي صلى الله عليه وسلم أنهما قالا في هذه السورة: { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً... } إلى آخر الآيات، فأنزل الله عز وجل: { وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ } إلى قومك كماسألوا، { إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ } ، يعني الأمم الخالية، فعذبتهم، ولو جئتهم بآية فردوها وكذبوا بها أهلكناهم، كما فعلنا بالقرون الأولى، فلذلك أخرنا الآيات عنهم، ثم قال سبحانه: { وَآتَيْنَا } ، يعني وأعطينا { ثَمُودَ ٱلنَّاقَةَ مُبْصِرَةً } ، يعني معاينة يبصرونها، { فَظَلَمُواْ بِهَا } ، يعني فجحدوا بها أنها ليست من الله عز وجل، ثم عقروها، ثم قال عز وجل: { وَمَا نُرْسِلُ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً } [آية: 59] للناس، فإن لم يؤمنوا بها عذبوا في الدنيا.

{ وَإِذْ } ، يعني وقد { قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِٱلنَّاسِ } ، يعني حين أحاط علمه بأهل مكة أن يفتحها على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال سبحانه: { وَمَا جَعَلْنَا ٱلرُّؤيَا ٱلَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلنَّاسِ } ، يعني الإسراء ليلة أسري به إلى بيت المقدس، فكانت لأهل مكة فتنة، ثم قال سبحانه: { وَٱلشَّجَرَةَ ٱلْمَلْعُونَةَ فِي ٱلقُرْآنِ } ، يعني شجرة الزقوم، ثم قال سبحانه: { وَنُخَوِّفُهُمْ } بها، يعني بالنار والزقوم، { فَمَا يَزِيدُهُمْ } التخويف، { إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } [آية: 60]، يعني شديداً، وقال أيضاً في الصافات لقولهم الزقوم التمر والزبد:إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِيۤ أَصْلِ ٱلْجَحِيمِ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ ٱلشَّيَاطِينِ } [الصافات: 64، 65]، ولا يشبه طلع النخل.

وذلك أن الله عز وجل ذكر شجرة الزقوم في القرآن، فقال أبو جهل: يا معشر قريش، إن محمداً يخوفكم بشجرة الزقوم، ألستم تعلمون أن النار تحرق الشجر، ومحمد يزعم أن النار تنبت الشجرة، فهل تدرون ما الزقوم؟ فقال عبد الله بن الزبعرى السهمى: إن الزقوم بلسان بربر: التمر والزبد، قال أبو الجهل: يا جارية، ابغنا تمراً، فجاءته، فقال لقريش وهم حوله: تزقموا من هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد، فأنزل الله تبارك وتعالى: { وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَاناً كَبِيراً } ، يعني شديداً.