الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } * { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } * { وَإِن مِّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً كَانَ ذٰلِك فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً }

{ قُلِ } لكفار مكة: { ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم } أنهم آلهة { مِّن دُونِهِ } ، من دون الله يعني الملائكة، فليكشفوا الضر عنكم، يعني الجوع سبع سنين إذا نزل بكم، ثم أخبر عن الملائكة الذين عبدوهم، فقال سبحانه: { فَلاَ يَمْلِكُونَ } ، يعني لا يقدرون على { كَشْفَ ٱلضُّرِّ عَنْكُمْ } ، يعني الجوع الذي أصابهم بمكة سبع سنين حتى أكلوا الميتة، والكلاب، والجيف، فيرفعونه عنكم، { وَلاَ تَحْوِيلاً } [آية: 56]، يقول: ولا تقدر الملائكة على تحويل هذا الضر عنكم إلى غيره، فكيف تعبدونهم، مثلها في سورة سبأ:قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثُقَالَ ذَرَّةٍ } [سبأ: 22]، يعني أصغر النمل التي لا تكاد أن ترى من الصغر، وهى النملة الحمراء.

ثم قال يعظهم: { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ } ، يقول: أولئك الملائكة الذين تعدونهم، { يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلْوَسِيلَةَ } ، يعني الزلفة، وهي القربة بطاعتهم، { أَيُّهُمْ أَقْرَبُ } إلى الله درجة، مثل قوله سبحانه:وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ } [المائدة: 35]، يعني القربة إلى الله عز وجل، { وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ } ، يعني جنته، نظيرها في البقرة:أُوْلۤـٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ ٱللَّهِ } [البقرة: 218]، يعني جنة الله عز وجل: { وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ } ، يعني الملائكة، { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً } [آية: 57]، يقول: يحذره الخائفون له، فابتغوا إليه الزلفة كما تبتغى الملائكة وخافوا أنتم عذابه كما يخافون، وارجوا أنتم رحمته كما يرجون: فـ { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً }.

{ وَإِن مِّن قَرْيَةٍ } ، يقول: وما من قرية طالحة أو صالحة، { إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً } ، فأما الصالحة، فهلاكها بالموت، وأما الطالحة، فيأخذها العذاب في الدنيا، { كَانَ ذٰلِك } ، يعني هلاك الصالحة بالموت، وعذاب الطالحة في الدنيا، { فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً } [آية: 58]، يعني في أم الكتاب مكتوباً، يعني اللوح المحفوظ، فتموت أو ينزل بها ذلك.