الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } * { ٱقْرَأْ كِتَٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } * { مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً }

{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ } ، يعني عمله الذي عمل، خيراً كان أو شراً، فهو { فِي عُنُقِهِ } لا يفارقه حتى يحاسب عليه، { وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنْشُوراً } [آية: 13]، وذلك أن ابن آدم إذا ما طويت صحيفته التي فيها عمله، فإذا كان يوم القيامة، نشر كتابه، فدفع إليه منشوراً.

ثم يقال له: { ٱقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } [آية: 14]، يعني شهيداً، فلا شاهد عليك أفضل من نفسك، وذلك حين قالوا:وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [الأنعام: 23]، ختم الله على ألسنتهم، ثم أمر الجوارح، فشهدت عليه بشركه وتكذيبه، وذلك قوله سبحانه: { كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً } ، وذلك قوله عز وجل:بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } [القيامة: 14]، يعني جوارحهم حين شهدت عليهم أنفسهم، وألسنتهم، وأيديهم، وأرجلهم.

{ مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ } الخير، { وَمَن ضَلَّ } عن الهدى، { فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } ، أي على نفسه، يقول: فعلى نفسه إثم ضلالته، { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } ، يقول: لا تحمل نفس خطيئة نفس أخرى، { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ } في الدنيا أحداً، { حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [آية: 15]، لينذرهم بالعذاب في الدنيا بأنه نازل بهم، كقوله سبحانه، { وَمَا أَهْلَكْنَا } في الدنيا { مِن قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ } [الشعراء: 108].