الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً }

{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ } ، وذلك أن رجلاً من المسلمين دعا الله عز وجل، ودعا الرحمن في صلاته، فقال أبو جهل بن هشام: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون رباً واحداً، فما بال هذا يدعو ربين اثنين أولستم تعلمون أن الله اسم، والرحمن اسم، قالوا: بلى، فأنزل الله تبارك وتعالى: { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ }.

" فدعا النبي صلى الله عليه وسلم الرجل، فقال: " يا فلان، ادع الله، أو ادع الرحمن، ورغم آناف المشركين " ، { أَيّاً مَّا تَدْعُواْ } ، يقول: فأيهما تدعو، { فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } ، يعني الأسماء الحسنى التي في آخر الحشر، وسائر ما في القرآن، { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ } ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بمكة يصلي إلى جانب دار أبي سفيان عند الصفا، فجهر بالقرآن في صلاة الغداة، فقال أبو جهل: لم تفتري على الله، فإذا سمع ذلك منه خفض صوته، فلا يسمع أصحابه القرآن، فقال أبو جهل: ألم تروا يا معشر قريش ما فعلت بابن أبي كبشة حتى خفض صوته، فأنزل الله تعالى ذكره: { وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ } ، يعني بقراءتك في صلاتك، فيسمع المشركون فيوءذوك، { وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا } ، يقول: ولا تسر بها، يعني بالقرآن، فلا يسمع أصحابك، { وَٱبْتَغِ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } [آية: 110]، يعني مسلكاً، يعني بين الخفض والرفع.

{ وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } ، وذلك أن اليهود قالوا: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقالت العرب: إن لله عز وجل شريكاً من الملائكة، فأكذبهم الله عز وجل فيها، فنزه نفسه تبارك وتعالى مما قالوا، فأنزل الله جل جلاله: { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ } ، الذي علمك هذه الآية، { ٱلَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً } ، عزيراً وعيسى، { وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ } من الملائكة، { فِي ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ } ، يعني صاحباً ينتصر به، { مَّنَ ٱلذُّلِّ } ، كما يلتمس الناس النصر، إن فاجأهم أمر يكرهونه، { وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً } [آية: 111]، يقول: وعظمه يا محمد تعظيماً، فإنه من قال: إن لله عز وجل ولداً، أو شريكاً، لم يعظمه، يقول: نزهه عن هذه الخصال التي قالت النصارى، واليهود، والعرب.