الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } * { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } * { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ }

قال سبحانه: { وَلاَ تَتَّخِذُوۤاْ أَيْمَانَكُمْ } ، يعني العهد، { دَخَلاً بَيْنَكُمْ } بالمكر والخديعة، { فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا } ، يقول: إن ناقض العهد يزل في دينه كما تزل قدم الرجل بعد الاستقامة، { وَتَذُوقُواْ ٱلْسُّوۤءَ } ، يعني العقوبة، { بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، يعني بما منعتم الناس عن دين الله الإسلام، { وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [آية: 94] في الآخرة.

ثم وعظهم، فقال سبحانه: { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً } ، يقول: ولا تبيعوا الوفاء بالعهد فتنقضونه بعرض يسير من الدنيا، { إِنَّمَا عِنْدَ ٱللَّهِ } من الثواب لمن وفى منكم بالعهد، { هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ } من العاجل، { إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [آية: 95].

ثم زهدهم في الأموال، فقال سبحانه: { مَا عِندَكُمْ } من الأموال { يَنفَدُ } ، يعني يفنى { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ } في الآخرة من الثواب، { بَاقٍ } ، يعني دائم لا يزول عن أهله، { وَلَنَجْزِيَنَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُوۤاْ } على أمر الله عز وجل في وفاء العهد في الآخرة، { أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ } ، يعني بأحسن الذى كانوا { يَعْمَلُونَ } [آية: 96] في الدنيا، ويعفو عن سيئاتهم، فلا يجزيهم بها أبداً، نزلت في امرىء القيس بن عباس الكندي، حين حكم عبدان بن أشرع الحضرمي في أرضه وداره على حقه.

ثم قال تعالى: { مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ } ، يعني مصدق بتوحيد الله عز وجل، { فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } ، يعني حياة حسنة في الدنيا، { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ } ، يعني جزاءهم في الآخرة بأحسن { مَا كَانُواْ } بأحسن الذي كانوا { يَعْمَلُونَ } [آية: 97] في الدنيا، ولهم مساوئ لا يجزيهم بها أبداً.

{ فَإِذَا قَرَأْتَ ٱلْقُرْآنَ } في الصلاة، { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ } [آية: 98]، يعني إبليس الملعون.