الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } * { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ ٱللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ }

قال: { وَٱللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً } ، يعني البيوت والأبنية، { وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلْجِبَالِ أَكْنَاناً }؛ لتسكنوا فيها، يعني البيوت والأبنية، { وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ } ، يعني القمص تقيكم { ٱلْحَرَّ } ، يعني من الكتان، والقطن، والصوف، { وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ } ، من القتل والجراحات، يعني درع الحديد بإذن الله عز وجل، { كَذَلِكَ }؛ يعني هكذا، { يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } [آية: 81]، يعني لكي تسلموا، نظيرها في سبأ، والأنبياء،وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } [الأنبياء: 80]، يعني فهل أنتم مخلصون لكي تخلصوا إليه بالتوحيد.

{ فَإِن تَوَلَّوْاْ } ، يقول: فإن أعرضوا عن التوحيد، { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ } [آية: 82]، يقول: عليك يا محمد صلى الله عليه وسلم أن تبلغ وتبين لهم أن الله عز وجل واحد لا شريك له.

{ يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ ٱللَّهِ } التي ذكرهم في هؤلاء الآيات من قوله عز وجل: { جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَناً... } إلى أن قال: {...لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } ، فتعرفون هذه النعم أنها كلها من الله عز وجل، وذلك أن كفار مكة كانوا إذا سئلوا: من أعطاكم هذا الخير؟ قالوا: الله أعطانا، فإن دعوا إلى التوحيد للذي أعطاهم، قالوا: إنما ورثناه عن آبائنا، فذلك قوله عز وجل: { ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْكَافِرُونَ } [آية: 83] بتوحيد رب هذه النعم تعالى ذكره.