الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } * { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }

{ وَمَآ أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ } يا محمد صلى الله عليه وسلم، { ٱلْكِتَابَ } ، يعني القرآن، { إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ ٱلَّذِي ٱخْتَلَفُواْ فِيهِ } ، وذلك أن أهل مكة اختلفوا في القرآن، فآمن به بعضهم، وكفر بعضهم، { وَهُدًى } من الضلالة، { وَرَحْمَةً } من العذاب لمن آمن بالقرآن، فذلك قوله: { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [آية: 64]، يعني يصدقون بالقرآن أنه جاء من الله عز وجل.

ثم ذكر صنعه ليعرف توحيده، فقال تعالى: { وَٱللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ ٱلْسَّمَآءِ مَآءً } ، يعني المطر، { فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ } بالنبات، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً } ، يقول: إن في المطر والنبات لعبرة وآية، { لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ } [آية: 65] المواعظ.

{ وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرةً } ، يعني التفكر، { نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً } من القدر، { سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ } [آية: 66]، يسيغ من يشربه، وهو لا يسيغ الفرث والدم.

ثم قال سبحانه: { وَمِن ثَمَرَاتِ ٱلنَّخِيلِ وَٱلأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً } ، يعني بالثمرات؛ لأنها جماعة ثمر، يعني بالسكر ما حرم من الشراب مما يسكرون من ثمره، يعني النخيل والأعناب، { وَرِزْقاً حَسَناً } ، يعني طيباً، نسختها الآية التي في المائدة، كقوله عز وجل:قَرْضاً حَسَنَاً } [البقرة: 245]، يعني طيبة بها أنفسهم، بما لا يسكر منها من الشراب وثمرتها، فهذا الرزق الحسن، ثم قال سبحانه: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } [آية: 67]، يعني فيما ذكر من اللبن والثمار لعبرة لقوم يعقلون بتوحيد الله عز وجل.