الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } * { ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ تَٱللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } * { وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } * { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } * { يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ }

ذكرهم النعم، فقال سبحانه: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ } ، ليوحدوا رب هذه النعم، يعني بالنعم الخير والعافية، { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ } ، يعني الشدة، وهو الجوع، والبلاء، وهو قحط المطر بمكة سبع سنين، { فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ } [آية: 53]، يعني تضرعون بالدعاء، لا تدعون غيره أن يكشف عنكم ما نزل بكم من البلاء والدعاء حين قالوا في حم الدخان:رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } [الدخان: 12]، يعني مصدقين بالتوحيد.

{ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنْكُمْ } ، يعني الشدة، وهو الجوع، وأرسل السماء بالمطر مدراراً، { إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } [آية: 54]، يعني يتركون التوحيد لله تعالى في الرخاء، فيعبدون غيره، وقد وحدوه في الضر.

{ لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ } ، يعني لئلا يكفروا بالذي أعطيناهم من الخير والخصب في كشف الضر عنهم، وهو الجوع، { فَتَمَتَّعُواْ } إلى آجالكم قليلاً، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } [آية: 55]، هذا وعيد، نظيرها في الروم، وإبراهيم، والعنكبوت.

{ وَيَجْعَلُونَ } ، يعني ويصفون، { لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ } من الآلهة أنها آلهة، { نَصِيباً مِّمّا رَزَقْنَاهُمْ } من الحرث والأنعام، { تَٱللَّهِ } ، قل لهم يا محمد: والله { لَتُسْأَلُنَّ } في الآخرة، { عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } [آية: 56] حين زعمتم أن الله أمركم بتحريم الحرث والأنعام.

ثم قال يعنيهم: { وَيَجْعَلُونَ } ، يعني ويصفون { لِلَّهِ ٱلْبَنَاتِ } ، حين زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى، { سُبْحَانَهُ } ، نزه نفسه عن قولهم، ثم قال عز وجل: { وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } [آية: 57] من البنين.

ثم أخبر عنهم، فقال سبحانه: { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ } ، فقيل له: ولدت لك ابنة، { ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } ، يعني متغيراً، { وَهُوَ كَظِيمٌ } [آية: 58]، يعني مكروباً.

{ يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوۤءِ مَا بُشِّرَ بِهِ } ، يعني لا يريد أن يسمع تلك البشرى أحداً، ثم أخبر عن صنيعه بولده، فقال سبحانه: { أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ } ، فأما الله فقد علم أنه صانع أحدهما لا محالة، { أَمْ يَدُسُّهُ } ، وهي حية، { فِي ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ } [آية: 59]، يعني ألا بئس ما يقضون، حين زعموا أن لي البنات وهم يكرهونها لأنفسهم.