{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } من ذكر وأنثى، كقوله في لقمان،{ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلأَرْحَامِ } [لقمان: 34] سوياً أو غير سوي، ذكراً أو أنثى، ثم قال: { وَمَا تَغِيضُ } ، يعني وما تنقص { ٱلأَرْحَامُ } ، كقوله:{ وَغِيضَ الْمَاء } [هود: 44]، يعني ونقص الماء، يعني وما تنقص الأرحام من الأشهر التسعة، { وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ } من تمام الولد والزيادة في بطن أمه، { عِندَهُ بِمِقْدَارٍ } [آية: 8]، يعني قدر خروج الولد من بطن أمه، وقدر مكنه في بطنها إلى خروجه، فإنه يعلم ذلك كله. ثم قال: { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ } ، يعني غيب الولد في بطن أمه، ويعلم غيب كل شىء، { وَٱلشَّهَادَةِ } ، يعني شاهد الولد وغيره، يقول الله: إذا علمت هذا، فأنا { ٱلْكَبِيرُ ٱلْمُتَعَالِ } [آية: 9]، يعني العظيم، لا أعظم منه، الرفيع فوق خلقه. { سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ } عند الله، { ٱلْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ } ، يعني بالقول، { وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِٱلْلَّيْلِ وَسَارِبٌ بِٱلنَّهَارِ } [آية: 10]، يقول: من هو مستخف بالمعصية في ظلمة الليل، ومنتشر بتلك المعصية بالنهار معلن بها، فعلم ذلك كله عند الله تعالى سواء. ثم قال لهذا الإنسان المستخفي بالليل، السارب بالنهار مع علمي بعمله { لَهُ مُعَقِّبَاتٌ } من الملائكة، { مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } ، يعني بأمر الله من الإنس والجن مما لم يقدر أن يصيبه حتى تسلمه المقادير، فإذا أراد الله أن يغير ما به لم تغن عنه المعقبات شيئاً، ثم قال: { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ } من النعمة، { حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } ، يعني كفار مكة، نظيرها من الأنفال:{ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ... } [الأنفال: 53] إلى آخر الآية. والنعمة أنه بعث فيهم رسولاً من أنفسهم، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف، فغيروا هذه النعمة، فغير الله ما بهم، فذلك قوله: { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوۤءًا } ، يعني بالسوء العذاب، { فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [آية: 11]، يعني ولي يرد عنهم العذاب.