الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يَنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } * { وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } * { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } * { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } * { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ }

ضرب مثلاً آخر، فقال: { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ } ، يعني القرآن نزل في عمار بن ياسر، { كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } عن القرآن لا يؤمن بما أنزل من القرآن، فهو أبو حذيفة بن المغيرة المخزومي لا يستويان هذان، وليسا بسواء، ثم قال: { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ } في هذا الأمر { أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } [آية: 19]، يعني عمار بن ياسر، يعني أهل اللب والعقل، نظيرها في الزمر:قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [الزمر: 9]، نزلت في عمار، وأبي حذيفة بن المغيرة الاثنين جميعاً.

ثم نعت الله أهل اللب، فقال: { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ } في التوحيد، { وَلاَ يِنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } [آية: 20] الذي أخذ الله عليهم على عهد آدم، عليه السلام، ويقال: هم مؤمنو أهل الكتاب.

{ وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ } ، من إيمان بمحمد صلى الله علهي وسلم والنبيين والكتب كلها، { وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ } في ترك الصلة، { وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } [آية: 21]، يعني شدة الحساب حين لا يتجاوز عن شىء من ذنوبهم.

{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } على ما أمر الله، نزلت في المهاجرين والأنصار، { ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } من الأموال، { سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ } ، يعني ويدفعون، { بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ } إذا أذاهم كفار مكة، فيردون عليهم معروفاً، { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [آية: 22]، يعني عاقبة الدار.

فقال: { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ } ، يعني ومن آمن بالتوحيد بعد هؤلاء، { مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ } يدخلون عليهم أيضاً، معهم جنات عدن، نظيرها في حم المؤمن، ثم قال: { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ } [آية: 23] على مقدار أيام الدنيا ثلاثة عشرة مرة، معهم التحف من الله تعالى، من جنة عدن ما ليس في جناتهم، من كل باب.

فقالوا لهم: { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } في الدنيا على أمر الله، { فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [آية: 24]، يثني الله على الجنة عقبى الدار، عاقبة حسناهم دار الجنة.