الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } * { وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ٱئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي ٱلْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ } * { فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ } * { قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } * { وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } * { وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي هَـٰذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } * { قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } * { وَقَالَ يٰبَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن بَابٍ وَاحِدٍ وَٱدْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَآ أُغْنِي عَنكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكِّلُونَ } * { وَلَمَّا دَخَلُواْ مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُم مَّا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِّمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىۤ إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّيۤ أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } * { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ } * { قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ ٱلْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ } * { قَالُواْ تَٱللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَّا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ } * { قَالُواْ فَمَا جَزَآؤُهُ إِن كُنتُمْ كَاذِبِينَ } * { قَالُواْ جَزَآؤُهُ مَن وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ كَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلظَّالِمِينَ } * { فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَآءِ أَخِيهِ ثُمَّ ٱسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَآءِ أَخِيهِ كَذٰلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ ٱلْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَآءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } * { قَالُوۤاْ إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَّكَاناً وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ } * { قَالُواْ يٰأَيُّهَا ٱلْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَباً شَيْخاً كَبِيراً فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِ أَن نَّأْخُذَ إِلاَّ مَن وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِندَهُ إِنَّـآ إِذاً لَّظَالِمُونَ } * { فَلَمَّا ٱسْتَيْأَسُواْ مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَّوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ ٱلأَرْضَ حَتَّىٰ يَأْذَنَ لِيۤ أَبِيۤ أَوْ يَحْكُمَ ٱللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ ٱلْحَاكِمِينَ } * { ٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ أَبِيكُمْ فَقُولُواْ يٰأَبَانَا إِنَّ ٱبْنَكَ سَرَقَ وَمَا شَهِدْنَآ إِلاَّ بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ }

{ وَجَآءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ } من أرض كنعان، { فَدَخَلُواْ عَلَيْهِ } ، أي على يوسف بمصر، { فَعَرَفَهُمْ } يوسف، { وَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ } [آية: 58]، يقول: وهم لا يعرفون يوسف، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن بنو يعقوب، نحن من أهل كنعان، قال: كم أنتم؟ قالوا: نحن أحد عشر، قال: ما لي لا أرى الأحد عشر؟ قالوا: واحد منا عند أبينا، قال: ولم ذلك؟ قالوا: إن أخاه لأمه أكله الذئب، فلذلك تركناه عند أبينا، فهو يستريح.

{ وَلَمَّا جَهَّزَهُم } يوسف { بِجَهَازِهِمْ } ، يعني في أمر الطعام، { قَالَ ٱئْتُونِي بِأَخٍ لَّكُمْ مِّنْ أَبِيكُمْ } ، يعني بنيامين، وكان أخاهم من أبيهم، وكان أخا يوسف لأبيه وأمه، { أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّيۤ أُوفِي } ، يعني أوفي لكم { ٱلْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ ٱلْمُنْزِلِينَ } [آية: 59]، وأنا أفضل من يضيف بمصر.

{ فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ } ، يعني فلا بيع لكم { عِندِي } من الطعام، { وَلاَ تَقْرَبُونِ } [آية: 60] بلادي.

{ قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ } يعقوب، { وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ } [آية: 61] ذلك بأبيه.

{ وَقَالَ } يوسف { لِفِتْيَانِهِ } ، يعني لخدامه وهم يكيلون لهم الطعام، { ٱجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ } ، يعني دراهمهم { فِي رِحَالِهِمْ } ، يعني في أوعيتهم، { لَعَلَّهُمْ } ، يعني لكي { يَعْرِفُونَهَآ إِذَا ٱنْقَلَبُوۤاْ إِلَىٰ أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ } ، يعني لكي { يَرْجِعُونَ } [آية: 62] إلينا فلا يحبسهم عنا حبس الدراهم إذا ردت إليهم؛ لأنهم كانوا أهل ماشية.

{ فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَىٰ أَبِيهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا ٱلْكَيْلُ } ، يعني منع كيل الطعام، فيه إضمار فيما يستأنف، { فَأَرْسِلْ مَعَنَآ أَخَانَا } بنيامين { نَكْتَلْ } الطعام بثمن، { وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } [آية: 63] من الضيعة.

{ قَالَ } أبوهم: { هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَآ أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ } في قراءة ابن مسعود: هل تحفظونه إلا كما حفظتم أخاه يوسف من قبل بنيامين، { فَٱللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً } ، يعني فالله خير حافظاً منكم، { وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلرَّاحِمِينَ } [آية: 64]، يعني أفضل الراحمين.

{ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ } ، يعني حلوا أوعيتهم، { وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ } ، يعني دراهمهم، فيها إضمار، { رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يٰأَبَانَا مَا نَبْغِي } بعد { هَـٰذِهِ } إضمار فإنهم قد ردوا علينا الدراهم، هذه { بِضَاعَتُنَا } ، يعني دراهمنا { رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا } الطعام، { وَنَحْفَظُ أَخَانَا } بنيامين من الضيعة، { وَنَزْدَادُ } من أجله { كَيْلَ بَعِيرٍ } ، وكان أهل مصر يبيعون الطعام على عدة الرجال، ولا يبيعون على عدة الدواب، وكان الطعام عزيزاً، فذلك قوله: { كَيْلَ بَعِيرٍ } من أجله، { ذٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ } [آية: 65] سريع لا حبس فيه.

{ قَالَ } أبوهم: { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ ٱللَّهِ } ، يعني تعطونى عهداً من الله، { لَتَأْتُنَّنِي بِهِ } ، يعني بنيامين ولا تضيعوه كما ضيعتم أخاه يوسف، { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ } ، يعني يحيط بكم الهلاك فتهلكوا جميعاً، { فَلَمَّآ آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ } ، يعني عهدهم، { قَالَ } يعقوب: { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ } [آية: 66]، يعني شهيداً بيني وبينكم، نظيرها في القصص:

السابقالتالي
2 3 4