الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } * { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } * { قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } * { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ ءَالِ يَعْقُوبَ كَمَآ أَتَمَّهَآ عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } * { إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ } * { قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ } * { أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } * { قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِيۤ أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ ٱلذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ } * { قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } * { فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُوۤاْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَـٰذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَجَآءُوۤا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ } * { قَالُواْ يَٰأَبَانَآ إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ ٱلذِّئْبُ وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ } * { وَجَآءُوا عَلَىٰ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَٱللَّهُ ٱلْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ } * { وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَىٰ دَلْوَهُ قَالَ يٰبُشْرَىٰ هَـٰذَا غُلاَمٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } * { وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ ٱلزَّاهِدِينَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } ، يعني القرآن، { بِمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ } ، بالذي أوحينا إليك، نظيرها في يس:بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي } [يس: 37]، { هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ } ، يعني من قبل نزول القرآن عليك، { لَمِنَ ٱلْغَافِلِينَ } [آية: 3] عنه.

{ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ } يعقوب: { يٰأَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ } في المنام { أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ } هبطوا إلى الأرض من السماء، فـ { رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ } [آية: 4]، فالكواكب الأحد عشر إخوته، والشمس أم يوسف، وهي راحيل بنت لاتان، ولاتان هو خال يعقوب والقمر أبوه يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وقد علم تعبير ما رأى يوسف.

{ قَالَ يٰبُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ } فيحسدوك إضمار، { فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً } ، فيعملوا بك شراً، { إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } [آية: 5]، يعني بين.

وقال يعقوب ليوسف: { وَكَذٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ } ، يقول: وهكذا يستخلصك ربك بالسجود، { وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ } ، يعني ويعلمك تعبير الرؤيا، { وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ آلِ يَعْقُوبَ } ، يعني بآل يعقوب هو وامرأته وإخوته الأحد عشر، بالسجود لك، { كَمَآ أَتَمَّهَآ } ، يعني النعمة، { عَلَىٰ أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ } ، يعني بأبويه { إِبْرَاهِيمَ } حين رأى في المنام أنه يذبح ابنه إسحاق، وألقى إبراهيم في النار، فنجاه الله تعالى منها، وأراد ذبح ابنه، فخلصه الله بالسجود، { وَإِسْحَاقَ } في رؤيا إبراهيم في ذبح إسحاق، { إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ } بتمامها، { حَكِيمٌ } [آية: 6]، يعني القاضى لها.

{ لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ } ، يعني علامات، { لِّلسَّائِلِينَ } [آية: 7] وذلك أن اليهود لما سمعوا ذكر يوسف، عليه السلام، من النبي صلى الله عليه وسلم، منهم كعب بن الأشرف، وحيي، وجدي ابنا أخطب، والنعمان بن أوفى، وعمرو، وبحيرا، وغزال بن السموأل، ومالك بن الضيف، فلم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم منهم غير جبر غلام بن الحضرمي، ويسار أبو فكيهه، وعداس، فكان ما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر يوسف وأمره { آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ } ، وذلك أن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن أمر يوسف، فكان ما سمعوا علامة لهم وهم السائلون عن أمر يوسف، عليه السلام، وكان يوسف قد فضل في زمانه بحسنه على الناس كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب.

{ إِذْ قَالُواْ } إخوة يوسف، وهو: روبيل أكبرهم سناً، ويهوذا أكبرهم في العقل، وهو الذي قال الله:قَالَ كَبِيرُهُمْ } { يوسف: 80] في العقل، ولم يكن كبيرهم في السن، وشمعون, ولاوى، ونفتولن، وربولن، وآشر، واستاخر، وجاب ودان، ويوسف وبنيامين، بعضهم لبعض { لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ } ، وهو بنيامين { أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ } ، يعني عشرة، { إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [آية: 8]، يعني خسران مبين، يعني في شقاء بين، نظيرها في سورة القمر:

السابقالتالي
2 3 4 5