الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } * { قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } * { وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَٰمِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَٰذِبٌ وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } * { وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } * { كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } * { يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } * { وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ }

{ قَالُواْ يٰشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ } ، يعني ما نعقل، { كَثِيراً مِّمَّا تَقُولُ } لنا من التوحيد، ومن وفاء الكيل والميزان، { وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً } ، يعني ذليلاً لا قوة لك ولا حيلة، { وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ } ، يعني عشيرتك وأقرباءك لقتلناك، { وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا } ، يعني عندنا { بِعَزِيزٍ } [آية: 91]، يعني بعظيم، مثل قول السحرة:بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ } [الشعراء: 44]، يعنون بعظمة فرعون، يقولون: أنت علينا هين.

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ } ، يعني أعظم عندكم من الله عز وجل: { وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً } ، يقول: أطعتم قومكم ونبذتم الله وراء ظهوركم، فلم تعظموه، فمن لم يوحده لم يعظمه، { إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } [آية: 92]، يعني من نقصان الكيل والميزان، يعني أحاط علمه بأعمالكم.

{ وَيٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } هذا وعيد، يعني على جديلتكم التي أنتم عليها، { إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } ، هذا وعيد، { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } ، يعني يذله، { وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ } بنزول العذاب بكم أنا أو أنتم، لقولهم: ليس بنازل بنا { وَٱرْتَقِبُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ } [آية: 93] يعني أنتظروا العذاب، فإنى منتظر بكم العذاب في الدنيا.

{ وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا } ، يعني قولنا في العذاب، { نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } ، يعني بنعمة منا عليهم، { وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ } ، يعني صيحة جبريل، عليه السلام، { فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [آية: 94]، يعني في منازلهم موتى.

{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ } ، يعني كأن لم يكونوا في الدنيا قط، { أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ } في الهلاك، { كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ } [آية: 95] كما هلكت ثمود؛ لأن كل واحدة، منهما هلكت بالصيحة، فمن ثم اختص ذكر ثمود من بين الأمم.

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا } ، يعني اليد والعصى، { وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } [آية: 96].

{ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ } ، يعني أشراف قومه، { فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ } في المؤمن حين قال:مَآ أُرِيكُمْ إِلاَّ مَآ أَرَىٰ } [غافر: 29]، فأطاعوا فرعون في قوله، يقول الله عز وجل: { وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ } [آية: 97] لهم، يعني بهدى.

{ يَقْدُمُ قَوْمَهُ } القبط { يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ، يعني فرعون قائدهم إلى النار، ويتبعونه كما يتبعونه في الدنيا، { فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ } فأدخلهم، { وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ } [آية: 98] المدخل المدخول.

{ وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً } ، يعني العذاب، وهو الغرق، { وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } لعنة أخرى في النار، { بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ } [آية: 99]، فكأن اللعنتين أردفت إحداهما الأخرى.