قوله: { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ } ، وهو ابن إباراهيم خليل الرحمن، وشعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم، { وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ } ، يعني أرسلنا، { أَخَاهُمْ شُعَيْباً } ، وليس بأخيهم في الدين، ولكن في النسب، { قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، يعني وحدوا الله، { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } ، يقول: ليس لكم رب غيره، { وَلاَ تَنقُصُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ } إذا كلتم ووزنتم، { إِنِّيۤ أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ } ، يعني موسرين في نعمة، { وَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } ، في الدنيا، { عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ } [آية: 84]، يعني أحاط بهم العذاب، فلم ينج منهم أحد.
{ وَيٰقَوْمِ أَوْفُواْ ٱلْمِكْيَالَ وَٱلْمِيزَانَ بِٱلْقِسْطِ } ، يعني بالعدل، { وَلاَ تَبْخَسُواْ ٱلنَّاسَ أَشْيَآءَهُمْ } ، يعني ولا تنقصوا الناس حقوقهم، { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ مُفْسِدِينَ } [آية: 85]، يقول: لا تعملوا فيها المعاصي، يعني بالفساد نقصان الكيل والميزان.
{ بَقِيَّةُ ٱللَّهِ } ، يعني ثواب الله في الآخرة، { خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ، يعني لو كنتم مؤمنين بالله عز وجل، لكان ثوابه خير لكم من نقصان الكيل والميزان، كقوله:{ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } [النحل: 96]، يعني ثوابه باق، { وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ } ، يعني على أعمالكم { بِحَفِيظٍ } [آية: 86]، يعني برقيب، والله الحافظ لأعمالكم. { قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَوَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ } ، يعني أن نعتزل { مَا } كان { يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ } ، وكانوا يعبدون الأوثان، { أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِيۤ أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ } ، يعنون إن شئنا نقصنا الكيل والميزان، وإن شئنا وفينا، { إِنَّكَ لأَنتَ ٱلْحَلِيمُ } ، يعنون السفيه، { ٱلرَّشِيدُ } [آية: 87]، يعنون الضال، قالوا ذلك لشعيب استهزاء.
{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً } ، يعني الإيمان، وهو الهدى، { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَآ أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } ، يعني وما أريد أن أنهاكم عن أمر، ثم أركبه، لقولهم لشعيب في الأعراف:{ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا } [الأعراف: 88].
ثم قال: { إِنْ أُرِيدُ } ، يعني ما أريد { إِلاَّ ٱلإِصْلاَحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِيۤ } في الإصلاح بالخير { إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } ، يقول: به وثقت، لقولهم:{ لَنُخْرِجَنَّكَ يٰشُعَيْبُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَآ } [الأعراف: 88]، { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } [آية: 88]، وإليه المرجع بعد الموت.
{ وَيٰقَوْمِ لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِيۤ } ، يقول: لا تحملنكم عداوتي { أَن يُصِيبَكُم } من العذاب في الدنيا { مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ } من الغرق، { أَوْ قَوْمَ هُودٍ } من الريح، { أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ } من الصيحة، { وَمَا قَوْمُ لُوطٍ } ، أي ما أصابهم من الخسف والحصب { مِّنكُم بِبَعِيدٍ } [آية: 89]، كان عذاب قوم لوط أقرب العذاب إلى قوم شعيب من غيرهم.
{ وَٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ } من الشرك، { ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } منها { إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ } لمن تاب وأطاعه، { وَدُودٌ } [آية: 90]، يعني مجيب.