الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } * { وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } * { وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ } * { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَآ آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }

ثم ذكر نوحاً، فقال: { وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } ، يعني إلا من صدق بتوحيد الله، { فَلاَ تَبْتَئِسْ } ، يعني فلا تحزن، { بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [آية: 36]، يعني بكفرهم بالله عز وجل.

{ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ } ، يعني السفينة واعمل فيها، { بِأَعْيُنِنَا } ، يعني بعلمنا، { وَوَحْيِنَا } كما نأمرك، فعملها نوح في أربعمائة سنة، وكانت السفينة من ساج، { وَلاَ تُخَاطِبْنِي } ، يقول: ولا تراجعني { فِي ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ } ، يعني الذين أشركوا، وهو ابنه كنعان بن نوح، فإنه من الذين ظلموا، { إِنَّهُمْ مُّغْرَقُونَ } [آية: 37] لقول نوح:رَبِّ إِنَّ ٱبُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ ٱلْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ ٱلْحَاكِمِينَ } [هود: 45].

{ وَيَصْنَعُ ٱلْفُلْكَ } ، يعني يعمل فيها، { وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ } ، يعني كلما أتى عليه { مَلأٌ } ، يعني أشراف { مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ } حين يزعم أنه يصنع بيتاً يسير على الماء، ولم يكونوا رأوا سفينة قط، { قَالَ } لهم نوح: { إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا } لصنعنا السفينة، { فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ } إذا نزل بكم الغرق، { كَمَا تَسْخَرُونَ } [آية: 38].

{ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } هذا وعيد { مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ } ، يعني يذله، يعني الغرق، { وَيَحِلُّ عَلَيْهِ } ، ويجب عليه { عَذَابٌ مُّقِيمٌ } [آية: 39]، يعني في الآخرة دائماً لا يزول عن أهله.

{ حَتَّىٰ إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا } ، يعني قولنا في نزول العذاب بهم، { وَفَارَ ٱلتَّنُّورُ } ، فار الماء من التنور الذي يخبز فيه، وكان بأقصى دار نوح بالشام بعين وردة، { قُلْنَا ٱحْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ ٱثْنَيْنِ } ، يعني صنفين اثنين ذكراً وأنثى، فهو زوجان، ولولا أنه قال: اثنين، لكان الزوجان أربعة، { وَ } احمل { وَأَهْلَكَ } واسمها والغة، واسم امرأة لوط والهة، في السفينة، { إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ ٱلْقَوْلُ } ، يعني العذاب في اللوح المحفوظ من أهلك،، يعني كنعان بن نوح، فلا تحملهم معك، فاستثنى من أهله ابنه وامرأته، { وَمَنْ آمَنَ } ، يعني ومن صدق بتوحيد الله، فاحمله في السفينة، يقول الله تعالى: { وَمَآ آمَنَ مَعَهُ } مع نوح، { إِلاَّ قَلِيلٌ } [آية: 40]، يقال: بأنهم أربعون رجلاً وأربعون امرأة عددهم ثمانون نفساً، واسم القرية اليوم قرية الثمانين، وهي بالجزيرة قريبة من الموصل، وهي بافردى.