{ َفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ } ، يعني القرآن، { شَاهِدٌ مِّنْهُ } ، يقول: يقرؤه جبريل، عليه السلام، على محمد صلى الله عليه وسلم، وهو شاهد لمحمد أن الذي يتلوه محمد من القرآن أنه جاء من الله تعالى. ثم قال: { وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ } ، يقول: ومن قبل كتابك يا محمد، قد تلاه جبريل على موسى، يعني التوراة، { إَمَاماً } يقتدى به، يعني التوراة، { وَرَحْمَةً } لهم من العذاب، لمن آمن به، { أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } ، يعني اهل التوراة يصدقون بالقرآن كقوله في الرعد:{ وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ } [الرعد: 36]، يعني بقرآن محمد صلى الله عليه وسلم أنه من الله عز وجل. { وَمَن يَكْفُرْ بِهِ } بالقرآن { مِنَ ٱلأَحْزَابِ } ، يعني ابن أمية، وابن المغيرة، وابن عبد الله المخزومى، وآل أبي طلحة بن عبد العزى، { فَٱلنَّارُ مَوْعِدُهُ } ، يقول: ليس الذي عمل على بيان من ربه كالكافر بالقرآن موعده النار ليسوا بسواء، { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } ، وذلك أن كفار قريش قالوا: ليس القرآن من الله، إنما تقوله محمد، وإنما يلقيه الري، وهو شيطان يقال له: الري، على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله: { فَلاَ تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ } ، يقول: في شك من القرآن، { إِنَّهُ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ } ، إنه من الله عز وجل، وأن القرآن حق من ربك، { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } [آية: 17]، يعني ولكن أكثر أهل مكة لا يصدقون بالقرآن أنه من عند الله تعالى. ثم ذكرهم، فقال: { وَمَنْ أَظْلَمُ } ، يقول: فلا أحد أظلم { مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ } ، يعني تقول: { عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } بأن معه شريكاً، { أُوْلَـٰئِكَ } الكذبة { يُعْرَضُونَ عَلَىٰ رَبِّهِمْ وَيَقُولُ ٱلأَشْهَادُ } ، يعني الأنبياء، ويقال: الحفظة، ويقال: الناس، مثل قول الرجل: على رءوس الأشهاد، { هَـٰؤُلاۤءِ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمْ } ، يعني بالأشهاد، يعني الأنبياء، فإذاعرضوا على ربهم، قالت الأنبياء: نحن نشهد عليكم أنا شهدنا بالحق فكذبونا، ونشهد أنهم كذبوا على ربهم، وقالوا: إن مع الله شريكاً، { أَلاَ لَعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [آية: 18]، يعني المشركين، نظيرها في الأعراف:{ أَن لَّعْنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } [الأعراف: 44]. ثم أخبر عنهم فقال: { ٱلَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ، يعني دين الإسلام، { وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً } ، يقول: ويريدون بملة الإسلام زيفاً، { وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ } ، يعني بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، { هُمْ كَافِرُونَ } [آية: 19]، يعني بأنه ليس بكائن. ثم نعتهم، فقال: { أُولَـٰئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ } ، يعني بسابقى الله { فِي ٱلأَرْضِ } هرباً حتى يجزيهم بأعمالهم الخبيثة، { وَمَا كَانَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنْ أَوْلِيَآءَ } ، يعني أقرباء يمنعونهم من الله، { يُضَاعَفُ لَهُمُ ٱلْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ ٱلسَّمْعَ } ، يعني ما كانوا على سمع إيمان بالقرآن، { وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ } [آية: 20] الإيمان بالقرآن؛ لأن الله جعل في آذانهم وقراً، وعلى أبصارهم غشاوة. ثم نعتهم، فقال: { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } ، يعني غبنوا أنفسهم، { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [آية: 21]. { لاَ جَرَمَ } حقاً، { أَنَّهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ } [آية: 22].