الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَٰتٍ وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلَ بِعِلْمِ ٱللَّهِ وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }

{ فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } ، وذلك أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم في يونس:ٱئْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَـٰذَآ } ، ليس فيه ترك عبادة آلهتنا ولاعيبها،أوْ بَدِّلْهُ } [يونس: 15] أنت من تلقاء نفسك، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسمعهم عيبها رجاء أن يتبعوه، فأنزل الله تعالى: { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَىٰ إِلَيْكَ } ، يعني ترك ما أنزل إليك من أمر الآلهة، { وَضَآئِقٌ بِهِ صَدْرُكَ } في البلاغ، أراد أن يحرضه على البلاغ، { أَن يَقُولُواْ لَوْلاَ } ، يعني هلا، { أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ } ، يعني المال من السماء فيقسمه بيننا، { أَوْ جَآءَ مَعَهُ مَلَكٌ } يعينه ويصدقه بقوله: إن كان محمد صادقاً في أنه رسول، ثم رجع إلى أول هذه الآية، فقال: بلغ يا محمد، { إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٌ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ } [آية: 12]، يعني شهيد بأنك رسول الله تعالى.

{ أَمْ } ، يعني بل، { يَقُولُونَ } إن محمداً { ٱفْتَرَاهُ } ، قالوا: إنما يقول محمد هذا القرآن من تلقاء نفسه، { قُلْ } لكفار مكة: { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } ،يعنى مختلفات مثله، يعني مثل القرآن، { وَٱدْعُواْ } ، يعني واستعينوا عليه، { مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ } من الآلهة التي تعبدون، { مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [آية: 13] بأن محمداً تقوله من تلقاء نفسه.

قال في هذه السورة: { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ } ، فلم يأتوا، ثم قال في سورة يونس:فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ } [يونس: 38] واحدة، وفي البقرة، أيضاً:فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ } [البقرة: 23]، فقال الله في التقديم: ولن تفعلوا البتة أن تجيئوا بسورة:فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ } [البقرة: 24] يعني فإذا لم تفعلوا، فاتقوا النار التي أعدت للكافرين، { فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم وحده، يقول: فإن لم تفعلوا ذلك يا محمد، فقل لهم: يا معشر كفار مكة: { فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّمَآ أُنزِلِ } هذا القرآن { بِعِلْمِ ٱللَّهِ } ، يعني بإذن الله، وقراءة ابن مسعود: أنما أنزل بإذن الله، { وَ } اعلموا { وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } بأنه ليس له شريك، إن لم يجيئوا بمثل هذا القرآن قل لهم: { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ } [آية: 14]، يعني مخلصين بالتوحيد.