الرئيسية - التفاسير


* تفسير مقاتل بن سليمان/ مقاتل بن سليمان (ت 150 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ ٱلَّيْلِ إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } * { وَٱصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } * { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } * { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ }

{ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ } ، يعني وأتم الصلاة، يعني ركوعها وسجودها، { طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ } ، يعني صلاة الغداة، وصلاة الأولى، والعصر، ثم قال: { وَزُلَفاً مِّنَ ٱلْلَّيْلِ } ، يعني صلاة المغرب والعشاء، { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ } ، يعني الصلوات الخمس { يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ } ، يعني يكفرن الذنوب ما اجتنبت الكبائر، نزلت في أبى مقبل، واسمه " عامر بن قيس الأنصاري، من بني النجار، أتته امرأة تشتري منه تمراً فراودها، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني خلوت بامرأة، فما شىء يفعل بالمرأة إلا وفعلته بها، إلا أني لم أجامعها، فنزلت: { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ طَرَفَيِ ٱلنَّهَارِ... } إلى آخر الآية.

ثم عمد الرجل، فصلى المكتوبة وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: " أليس قد توضأت وصليت معنا؟ " ، قال: بلى، قال: " فإنها كفارة لما صنعت " ، ثم قال { ذٰلِكَ } الذي ذكره من الصلاة طرفي النهار وزلفى من الليل من الصلاة، { ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } [آية: 114]، كقوله لموسى:وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِذِكْرِيۤ } [طه: 14].

{ وَٱصْبِرْ } يا محمد على الصلاة، { فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [آية: 115]، يعني جزاء المخلصين.

{ فَلَوْلاَ كَانَ } ، يعني لم يكن { مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْفَسَادِ } ، يعني الشرك، { فِي ٱلأَرْضِ } ، يقول: لم يكن من القرون من ينهى عن المعاصي في الأرض بعد الشرك، ثم استثنى، فقال: { إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ } ، يعني مع الرسل من العذاب مع الأنبياء، فهم الذين كانوا ينهون عن الفساد في الأرض، { وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } ، يقول: وآثر الذين ظلموا دنياهم، { مَآ أُتْرِفُواْ فِيهِ } ، يعني ما أعطوا فيه من دنياهم على آخرتهم، { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } [آية: 116]، يعني الأمم الذين كذبوا في الدنيا.

{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ } ، يعني ليعذب في الدنيا، { ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ } ، يعني على غير ذنب، يعني القرى التى ذكر الله تعالى في هذه السورة الذين عذبهم الله، وهم قوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم شعيب، ثم قال: { وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [آية: 117]، يعني مؤمنون، يقول: لو كانوا مؤمنين ما عذبوا.

{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } ، يعني على ملة الإسلام وحدها، ثم قال: { وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } [آية: 118]، يقول: لا يزال أهل الأديان مختلفين في الدين، غير دين الإسلام.

ثم استثنى بعضهم: { إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ } ، أهل التوحيد لا يختلفون في الدين، { وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ } ، يعني للرحمة خلقهم، يعني الإسلام، { وَتَمَّتْ } ، يقول: وحقت { كَلِمَةُ رَبِّكَ } العذاب على المختلفين، والكلمة التى تمت قوله، { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } [آية: 119]، يعني الفريقين جميعاً.