الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَٰفِرُونَ } * { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ }

{ وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوٰلُهُمْ وَأَوْلَـٰدُهُمْ } تكريرٌ لما سبق وتقريرٌ لمضمونه بالإخبار بوقوعه ويجوز أن يكون هذا في حق فريقٍ غيرِ الفريقِ الأولِ، وتقديمُ الأموالِ في أمثال هذه المواقعِ على الأولاد مع كونهم أعزَّ منها إما لعموم مِساسِ الحاجةِ إليها بحسب الذاتِ وبحسب الأفراد والأوقات، فإنها مما لا بد منه لكل أحدٍ من الآباء والأمهاتِ والأولادِ في كل وقت وحينٍ حتى إن من له أولادٌ ولا مالَ له فهو وأولادُه في ضيق ونَكالٍ وأما الأولادُ فإنما يَرغب فيهم مَنْ بلغ مبلغَ الأُبوةِ وإما لأن المالَ مناطٌ لبقاء النفسِ والأولادُ لبقاء النوعِ وإما لأنها أقدمُ في الوجود من الأولاد لأن الأجزاءَ المَنويةَ إنما تحصُل من الأغذية كما سيأتي في سورة الكهف { أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ } بما متعهم به من الأموال والأولاد { أَن يُعَذّبَهُمْ بِهَا فِى ٱلدُّنْيَا } بسبب معاناتِهم المشاقَّ ومكابدتِهم الشدائدَ في شأنها { وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَـٰفِرُونَ } أي فيموتوا كافرين باشتغالهم بالتمتع بها والالتهاء عن النظر والتدبّرِ في العواقب.

{ وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ } من القرآن ويجوز أن يُراد بها بعضُها { أَنْ آمِنُواْ بِاللهِ } (أنْ) مفسرةٌ لما في الإنزال من معنى القولِ والوحي، أو مصدريةٌ حذف عنها الجارُّ أي بأن آمِنوا { وَجَـٰهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ } لإعزاز دينِه وإعلاءِ كلمتِه { ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ } أي ذوو الفضل والسَّعةِ والقُدرة على الجهاد بدناً ومالاً { وَقَالُواْ } عطفٌ تفسيريٌّ لاستأذنك مغنٍ عن ذكر ما استأذنوا فيه يعني القعودَ { ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَـٰعِدِينَ } أي الذين قعدوا عن الغزو لما بهم من عذر.