الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

{ لَقَدْ جَاءكُمْ } الخطابُ للعرب { رَّسُولٌ } أي رسول عظيمُ الشأن { مّنْ أَنفُسِكُمْ } من جنسكم عربـيٌّ قرشيٌّ مثلُكم وقرىء بفتح الفاء أي أشرفِكم وأفضِلكم { عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ } أي شاقٌّ شديدٌ عليه عَنَتُكم ولقاؤكم المكروهَ فهو يخاف عليكم سوءَ العاقبةِ والوقوعَ في العذاب، وهذا من نتائج ما سلف من المجانسة { حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ } في إيمانكم وصلاحِ حالِكم { بِٱلْمُؤْمِنِينَ } منكم ومن غيركم { رَءوفٌ رَّحِيمٌ } قدِّم الأبلغُ منهما وهي الرأفةُ التي هي عبارةٌ عن شدة الرحمةِ محافظةً على الفواصل { فَإِن تَوَلَّوْاْ } تلوينٌ للخطاب وتوجيهٌ له إلى النبـي صلى الله عليه وسلم تسليةً له أي إن أعرضوا عن الإيمان بك { فَقُلْ حَسْبِىَ ٱللَّهُ } فإنه يكفيك ويُعينك عليهم { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } استئناف مقرِّرٌ لمضمون ما قبله { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } فلا أرجو ولا أخاف إلا منه { وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } أي المُلك العظيمِ أو الجِسم الأعظمِ المحيط الذي تنزل منه الأحكامُ والمقادير، وقرىء العظيمُ بالرفع. وعن أبـي هريرة أن آخِرَ ما نزل هاتان الآيتان. وعن النبـي صلى الله عليه وسلم: " ما نزل القرآنُ إلا آيةً آيةً وحرفاً حرفاً ما خلا سورةَ براءةٌ وسورةَ { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } فإنهما أُنزلتا عَليّ ومعهما سبعون ألفَ صفٍ من الملائكة "