الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } * { تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } * { كَلاَّ إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِيَ } * { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } * { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } * { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } * { فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صَلَّىٰ } * { وَلَـٰكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } * { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ }

{ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ } شديدةُ العبوسِ وهيَ وجوهُ الكفرةِ { تَظُنُّ } يتوقعُ أربابُها { أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } داهيةٌ عظيمةٌ تقصمُ فقارَ الظهرِ.

{ كَلاَّ } ردعٌ عنْ إيثارِ العاجلةِ عَلى الآخرةِ أيْ ارتدعُوا عنْ ذلكَ وتنبهُوا لما بـينَ أيديكُم منَ الموتِ الذي ينقطعُ عندَهُ ما بـينكُم وبـينَ العاجلةِ منَ العلاقةِ { إِذَا بَلَغَتِ ٱلتَّرَاقِىَ } أيْ بلغتْ النفسُ أعاليَ الصَّدرِ وهيَ العظامُ المكتنفةُ لثغرِه والنَّحرِ عنْ يمينٍ وشمالٍ { وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ } أيْ قالَ مَن حضرَ صاحبَها مِنْ يرقيهِ وينجيهِ مما هُو فيهِ مِنَ الرقيةِ وقيلَ: هُو مِنْ كلامِ ملائكةِ الموتِ أيكُم يَرقَى بروحِه ملائكةُ الرحمةِ أو ملائكةُ العذابِ مِنَ الرُّقِيِّ { وَظَنَّ أَنَّهُ ٱلْفِرَاقُ } وأيقنَ المحتضرُ أنَّ ما نزلَ بهِ للفراقِ مِنَ الدنيا ونعيمِها { وَٱلْتَفَّتِ ٱلسَّاقُ بِٱلسَّاقِ } والتفتْ ساقُه بساقِه والتوتْ عليهَا عندَ حلولِ الموتِ وقيلَ: هُما شدةُ فراقِ الدُّنيا وشدةُ إقبالِ الآخرةِ وقيلَ: هما ساقاهُ حينَ تلفانِ في أكفانِه { إِلَىٰ رَبّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمَسَاقُ } أيْ إلى الله وإلى حكمِه يساقُ لا إلى غيرِه { فَلاَ صَدَّقَ } ما يجبُ تصديقُه منِ الرسولِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ والقرآنِ الذي نزلَ عليهِ أو فلاَ صدقَ مالَه ولا زكَّاهُ { وَلاَ صَلَّىٰ } ما فُرضِ عليهِ والضميرُ فيهمَا للإنسانِ المذكورِ في قولِه تعالَى:أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَـٰنُ } [سورة القيامة، الآية 36] وفي دلالةٌ على أنَّ الكفارَ مخاطبونَ بالفروعِ في حَقِّ المؤاخذةِ كما مَرَّ { وَلَـٰكِن كَذَّبَ } مَا ذُكرَ منَ الرسولِ والقرآنِ { وَتَوَلَّىٰ } عنِ الطاعةِ { ثُمَّ ذَهَبَ إِلَىٰ أَهْلِهِ يَتَمَطَّىٰ } يتبخترُ افتخاراً بذلكَ منَ المطِّ فإن المتبخترَ يمد خطاهُ فيكونُ أصلُه يتمططُ أو منَ المَطَا وهو الظهرُ فإنَّه يلوذُ بهِ.