الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ }

{ وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلّ صِرٰطٍ تُوعِدُونَ } أي بكل طريقٍ من طرق الدِّين كالشيطان. وصراطُ الحقِّ وإن كان واحداً لكنه يتشعب إلى معارفَ وحدودٍ وأحكامٍ وكانوا إذا رأَوْا أحداً يشرَع في شيء منها منعوه. وقيل: كانوا يجلِسون على المراصد فيقولون لمن يريد شعيباً إنه كذابٌ لا يفتنَنَّك عن دينك ويتوعّدون لمن آمن به وقيل: يقطعون الطريق { وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي السبـيلِ الذي قعَدوا عليه فوقع المُظهرُ موقعَ المضمرِ بـياناً لكل صراطٍ ودلالةً على عِظم ما يصدون عنه وتقبـيحاً لما كانوا عليه، أو الإيمانِ بالله أو بكل صراط على أنه عبارة عن طرق الدين وقوله تعالى: { مَنْ ءامَنَ بِهِ } مفعول تصدون على إعمال الأقربِ، ولو كان مفعولَ توعِدون لقيل: وتصُدونهم، وتوعِدون حالٌ من الضمير في تقعدوا { وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا } أي وتطلبون لسبـيل الله عوجاً بإلقاء الشُبَهِ أو بوصفها للناس بأنها مُعْوجةٌ وهي أبعدُ شيءٍ من شائبة الاعوجاج.

{ وَٱذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ } بالبركة في النسل والماء { وَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ } من الأمم الماضيةِ كقوم نوحٍ ومَنْ بعدهم من عاد وثمودَ وأضرابِهم واعتبِروا بهم.