الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُوۤاْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ } * { قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } * { فَعَقَرُواْ ٱلنَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَاصَالِحُ ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }

{ قال الملأ الذين استكبروا من قومه } أي عتَوْا وتكبروا، استئنافٌ كما سلف وقرىء بالواو عطفاً على ما قبله من قوله تعالى: { يا قوم } الخ، واللامُ في قوله تعالى: { للذين استضعفوا } للتبليغ وقوله تعالى: { لمن آمن منهم } بدلٌ من الموصول بإعادة العاملِ بدلَ الكلِّ إن كان ضميرُ منهم لقومه، وبدلَ البعضِ إن كان للذين استُضعفوا على أن مِن المستضعفين مَنْ لم يؤمن، والأولُ هو الوجهُ، إذ لا داعيَ إلى توجيه الخطابِ أولاً إلى جميع المستضعفين مع أن المجاوبةَ مع المؤمنين منهم على أن الاستضعافَ مختصٌّ بالمؤمنين، أي قالوا للمؤمنين الذين استَضْعفوهم واسترذلوهم: { أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه } وإنما قالوه بطريق الاستهزاءِ بهم { قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون } عدَلوا عن الجواب الموافِقِ لسؤالهم بأن يقولوا: نعم أو نعلم أنه مرسلٌ منه تعالى مسارعةً إلى تحقيق الحقِّ وإظهارِ ما لهم من الإيمان الثابتِ المستمرِّ الذي تنبىء عنه الجملةُ الاسميةُ وتنبـيهاً على أن أمرَ إرسالِه من الظهور بحيث لا ينبغي أن يُسألَ عنه، وإنما الحقيقُ بالسؤال عنه هو الإيمانُ به { قال الذين استكبروا } أعيد الموصولُ مع صلته مع كفاية الضميرِ إيذاناً بأنهم قد قالوا ما قالوه بطريق العتُوِّ والاستكبار { إنا بالذي آمنتم به كافرون } وإنما لم يقولوا: إنا بما أرسل به كافرون إظهاراً لمخالفتهم إياهم ورداً لمقالتهم { فعقروا الناقة } أي نحروها، أُسند العقرُ إلى الكل مع أن المباشِرَ بعضُهم للملابسة أو لأن ذلك لما كان برضاهم فكأنه فَعلَه كلُّهم، وفيه من تهويل الأمرِ وتفظيعِه بحيث أصابت غائلتُه الكلَّ ما لا يخفى { وعتوا عن أمر ربهم } أي استكبروا عن امتثاله وهو ما بلّغهم صالح عليه السلام من الأمر والنهي.

{ وقالوا } مخاطِبـين له عليه السلام بطريق التعجيزِ والإفحامِ على زعمهم { يا صالح ائتنا بما تعدنا } أي من العذاب، والإطلاقُ للعلم به قطعاً { إن كنت من المرسلين } فإن كونَك من جملتهم يستدعي صدقَ ما تقول من الوعد والوعيد.