الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ } * { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } * { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }

{ وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وٰحِدَةٌ } أي كلمةٌ واحدةٌ سريعةُ التكوينِ وهُو قولُه تعالَى كُنْ أو إلا فعلةٌ واحدةٌ هو الإيجادُ بلا معالجةٍ { كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } في اليُسرِ والسرعةِ وقيلَ: معناهُ قولُه تعالَى:وَمَا أَمْرُ ٱلسَّاعَةِ إِلاَّ كَلَمْحِ ٱلْبَصَرِ } [سورة النحل، الآية 77] { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَـٰعَكُمْ } أي أشباهَكُم في الكفرِ من الأممِ وقيل: أتباعَكُم { فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } يتعظُ بذلكَ { وَكُلُّ شَىْء فَعَلُوهُ } من الكفرِ والمعاصِي مكتوبٌ على التفصيلِ { فِى ٱلزُّبُرِ } أي في ديوانِ الحفظةِ { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ } من الأعمالِ { مُّسْتَطَرٌ } مسطورٌ في اللوحِ المحفوظِ بتفاصيلِه، ولما كانَ بـيانُ سوءِ حالِ الكفرةِ بقولِه تعالى { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ } الخ مِمَّا يستدعِي بـيانَ حُسنِ حالِ المؤمنينَ ليتكافأَ الترهيبُ والترغيبُ بـيّن ما لَهُم من حسنِ الحالِ بطريقِ الإجمالِ فقيلَ: { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ } بالإيمانِ أي منَ الكفرِ والمعاصِي { فِي جَنَّـٰتِ } عظيمةِ الشأنِ { وَنَهَرٍ } أي أنهارٍ. كذلكَ والإفرادُ للاكتفاءِ باسمِ الجنسِ مراعاةً للفواصلِ، وقُرِىءَ نُهْرٍ جمعُ نَهَرٍ كأُسْدٍ وأَسدٍ { فِى مَقْعَدِ صِدْقٍ } في مكانٍ مرضيَ وقُرِىءَ في مقاعدِ صدقٍ { عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرِ } أي مقربـينَ عند مليكٍ لا يُقادَرُ قدرُ ملكِه وسلطانِه فلا شيءَ إلاَّ وهو تحتَ ملكوتِه سبحانَهُ ما أعظمَ شأنَهُ.

عنْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ قرأَ سورةَ القمرِ في كلِّ غِبَ بعثَهُ الله تعالى يومَ القيامةِ ووجهُه مثلُ القمرِ ليلةَ البدرِِ ".