الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ } * { وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ } * { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ } * { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَٰلَهُمْ }

{ سَيَهْدِيهِمْ } في الدُّنيا إلى أرشدِ الأمورِ وفي الآخرةِ إلى الثوابِ أو سُيْثبِّتَ هدايتَهم { وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ وَيُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ } في الدُّنيا بذكرِ أوصافِها بحيثُ اشتاقُوا إليها أو بـيَّنها لهم بحيثُ يعلم كلُّ أحدٍ منزلَه ويهتدي إليهِ كأنه كان ساكنَهُ منذُ خُلقَ وعن مقاتل: أنَّ الملكَ الموكلَ بعملهِ في الدُّنيا يمشي بـين يديِه فيعرفُه كلَّ شيءٍ أعطاهُ الله تعالى. أو طيَّبها لهم من العَرْفِ وهو طيبُ الرائحةِ، أو حدَّدها لهم وأفرزَها، من عَرفُ الدَّارِ فجنةُ كلَ منهم محددةٌ مفرزةٌ. والجملةُ إمَّا مستأنفةٌ أو حالٌ بإضمارِ قَدْ أو بدونِه.

{ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ } أي دينَه ورسوله { يَنصُرْكُمُ } على أعدائِكم ويفتحْ لكُم { وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ } في مواطنِ الحربِ ومواقفِها أو على مَحَجةِ الإسلامِ. { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ } التعسُ الهلاكُ والعِثارُ والسقوطُ والشرُّ والبعدُ والانحطاطُ، ورجلٌ تاعسٌ وتَعِسٌ. وانتصابُه بفعلِه الواجبِ حذفُه سماعاً أي فقالَ تعساً لهم أو فقضى تعساً لهم. وقولُه تعالى: { وَأَضَلَّ أَعْمَـٰلَهُمْ } عطفٌ عليهِ داخلٌ معه في حيزِ الخبريةِ للموصولِ.

{ ذٰلِكَ } أي ما ذُكِرَ من التعسِ وإضلالِ الأعمالِ { بِأَنَّهُمْ } بسببِ أنَّهم { كَرِهُواْ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ } من القرآنِ لما فيهِ من التوحيدِ وسائرِ الأحكامِ المخالفةِ لما ألِفُوه واشتهتْهُ أنفسُهم الأمارةُ بالسُّوءِ { فَأَحْبَطَ } لأجلِ ذلكَ { أَعْمَـٰلَهُمْ } التي لو كانُوا عملوها مع الإيمان لأُثيبُوا عليَها.