الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } * { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } * { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِيۤ أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } * { وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ }

{ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ } أي فإنْ قبضناكَ قبلَ أنْ نُبصِّرك عذابَهم ونشفيَ بذلكَ صدركَ وصدورَ المؤمنينَ { فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ } لا محالةَ في الدُّنيا والآخرةِ. فَما مزيدةٌ للتأكيدِ بمنزلةِ لام القسمِ في أنَّها لا تفارقُ النونَ المؤكدةَ { أَوْ نُرِيَنَّكَ ٱلَّذِى وَعَدْنَـٰهُمْ } أيْ أو أردنا أنْ نُريكَ العذابَ الذي وعدناهُم { فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُّقْتَدِرُونَ } بحيثُ لا مناصَ لهُم من تحتِ ملَكتِنا وقهرِنا، ولقد أراهُ عليه السَّلامُ ذلكَ يومَ بدرٍ { فَٱسْتَمْسِكْ بِٱلَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ } من الآياتِ والشرائعِ سواءٌ عجَّلنا لكَ الموعودَ أو أخرنَاهُ إلى يومِ الآخرةِ. وقُرِىءَ أَوْحَى على البناءِ للفاعلِ، وهو الله عزَّ وجلَّ. { إِنَّكَ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } تعليلٌ للاستمساكِ أو للأمرِ بهِ { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ } لشرفٌ عظيمٌ { لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْـئَلُونَ } يومَ القيامةِ عنْهُ وعنْ قيامِكم بحقوقِه. { وَاسْئلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا } أي واسألْ أممَهم وعلماءَ دينِهم كقولِه تعالى:فَاسْأَلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءونَ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكَ } [سورة يونس، الآية 94] وفائدةُ هَذا المجازِ التنبـيهُ على أنَّ المسؤولَ عنه عينُ ما نطقتْ به ألسنةُ الرسلِ لا ما يقولُه أممُهم وعلماؤُهم من تلقاءِ أنفسِهم. قالَ الفَرَّاءُ: هُم إنما يخبرونَهُ عن كتبِ الرسلِ فإذا سألَهم فكأنَّه سأَل الأنبـياءَ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ { أَجَعَلْنَا مِن دُونِ ٱلرَّحْمَـٰن ءَالِهةً يُعْبَدونَ } أي هلَ حكمنَا بعبادةِ الأوثانِ وهل جاءتْ في ملةٍ من مللِهم، والمرادُ به الاستشهادُ بإجماعِ الأنبـياءِ على التوحيدِ، والتنبـيهُ على أنَّه ليسَ بِبدْعٍ ابتدعَهُ حتى يكذّبَ ويُعادَى.