الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمْ لاَ يَسْئَمُونَ } * { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِيۤ آيَاتِنَا لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَآ أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ٱعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ }

{ فَإِنِ ٱسْتَكْبَرُواْ } عن الامتثالِ { فَٱلَّذِينَ عِندَ رَبّكَ } من الملائكة { يُسَبّحُونَ لَهُ بِٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ } أي دائماً { وَهُمْ لاَ يَسْـئَمُونَ } لا يفترُون ولا يَملّون. وقُرِىءَ لا يِسْأمُون بكسرِ الياءِ.

{ وَمِنْ ءايَـٰتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَـٰشِعَةً } يابسةً متطامنةً مستعارٌ من الخشوع بمعنى التذللِ { فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء } أي المطرَ { ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ } أي تحركتْ بالنبات وانتفختْ، لأنَّ النبتَ إِذَا دَنا أنْ يظهرَ ارتفعتْ له الأرضُ وانتفختْ ثم تصدعتْ عن النباتِ، وقيلَ: تزخرفتْ بالنباتِ. وقُرىءَ رَبَأَتْ أي ارتفعتْ { إِنَّ ٱلَّذِى أَحْيَـٰهَا } بما ذُكِرَ بعدَ موتِها { لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ } بالبعث { أَنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء } من الأشياءِ التي منْ جُملتها الإحياءُ { قَدِيرٌ } مبالغٌ في القُدرة.

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ } يميلونَ عن الاستقامةِ. وقُرِىءَ يُلحدون { فِيۤ آيَاتِنَا } بالطعنِ فيَها وتحريفُها بحملها على المحاملِ الباطلةِ { لاَ يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا } فنجازيَهم بإلحادِهم. وقولُه تعالَى: { أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي ٱلنَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِيۤ آمِناً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } تنبـيةٌ على كيفيةِ الجزاءِ { ٱعْمَلُواْ } من الأعمال المؤديةِ إلى ما ذُكِرَ من الإلقاءِ في النارِ والإتيانِ آمناً، وفيه تهديدٌ شديدٌ { تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } فيجازيكُم بحسبِ أعمالِكم. وقولُه تعالَى:

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِٱلذّكْرِ لَمَّا جَاءهُمْ } بدلٌ من قولِه تعالى إنَّ الذينَ يُلحدونَ الخ وخبرُ إنَّ هُو الخبرُ السابقُ وقيلَ: مستأنفٌ وخبرُها محذوفٌ وقالَ الكِسائِيُّ: سدَّ مسدّه الخبرُ السابقُ، والذكرُ القرآنُ. وقولُه تعالى { وَإِنَّهُ لَكِتَـٰبٌ عَزِيزٌ } أي كثيرُ المنافعِ عديمُ النظيرِ، أو منيعٌ لاَ تتأتَّى معارضتُه. جملةُ حاليةٌ مفيدةٌ لغاية شناعةِ الكُفرِ بهِ.