الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } * { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ فَإِذَا جَـآءَ أَمْرُ ٱللَّهِ قُضِيَ بِٱلْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلْمُبْطِلُونَ }

{ ذٰلِكُمْ } الإضلالُ { بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى ٱلأَرْضِ } أي تبطَرون وتتكبرون { بِغَيْرِ ٱلْحَقّ } وهُو الشركُ والطغيانُ { وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } تتوسعونَ في البطر والأشَر. والالتفاتُ للمبالغة في التوبـيخِ.

{ ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ } أي أبوابَها السبعةَ المقسومةَ لكُم { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } مقدراً خلودُكم فيها { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبّرِينَ } أي عن الحقِّ جهنمُ والتعبـيرُ عن مدخلِهم بالمَثْوى لكونِ دخولِهم بطريقِ الخلودِ { فَٱصْبِرْ } إلى أنْ يُلاقُوا ما أُعدَّ لهمُ من العذابِ { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } بتعذيبِهم { حَقّ } كائنٌ لا محالَة { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ } أي فإنْ نُرِكَ ومَا مزيدةٌ لتأكيدِ الشرطيةِ ولذلكَ لحقتِ النونُ الفعلَ ولا تلحقُه مع إنْ وحدَها { بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ } وهو القتلُ والأسرُ { أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبلَ ذلكَ { فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } يومَ القيامةِ فنجازِيهم بأعمالِهم وهُو جوابُ نتوفينكَ وجوابُ نرينك محذوفٌ مثلُ فذاكَ ويجوزُ أن يكونَ جواباً لهما بَمعْنى إنْ نُعذبهم في حياتِك أو لم نُعذبْهم فإنَّا نعذبهم في الآخرةِ أشدَّ العذابِ وأفظَعه كما ينبىءُ عنْهُ الاقتصارُ على ذكِر الرجوعِ في هذا المعرضِ.

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ } إذْ قيلَ عددُ الأنبـياءِ عليهم السلام مائةٌ وأربعةٌ وعشرونَ ألفاً، والمذكورُ قصصُهم أفرادٌ معدودةٌ وقيلَ أربعةُ آلافً من بني إسرائيلَ وأربعةُ آلافٍ من سائرٍ النَّاسِ. { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ } أي وما صحَّ وما استقامَ لرسولٍ منُهم { أَن يَأْتِىَ بِئَايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } فإنَّ المعجزاتِ على تشعب فنونِها عطايَا من الله تعالَى قسمها بـينُهم حسبَما اقتضتْهُ مشيئتُه المبنيةُ على الحكمِ البالغةِ كسائرِ القَسْمِ ليسَ لهم اختيارٌ في إيثارِ بعضِها والاستبدادِ بإتيانِ المقترحِ منَها { فَإِذَا جَـاء أَمْرُ ٱللَّهِ } بالعذابِ في الدُّنيا والآخرةِ { قُضِيَ بِٱلْحَقّ } بإنجاءِ المُحقِّ وإثابتِه وإهلاكِ المُبطلِ وتعذيبِه { وَخَسِرَ هُنَالِكَ } أي وقتَ مجيءِ أمرِ الله، اسمُ مكانٍ استعيرَ للزمانِ { ٱلْمُبْطِلُونَ } أي المتمسكونَ بالباطلِ على الإطلاقِ فيدخلُ فيهم المعاندونَ المقترحونَ دخولاً أولياً.