الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } * { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } * { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ } * { فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } * { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } * { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } * { إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } * { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } * { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّكُمْ لَذَآئِقُو ٱلْعَذَابِ ٱلأَلِيمِ }

{ قَالُواْ } استئنافٌ كما سبق أي قالَ الرُّؤساء أو القُرناء { بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } أي لم نمنعكُم من الإيمانِ بل لم تُؤمنوا باختيارِكم وأعرضتُم عنه مع تمكُّنِكم منه وآثرتُم الكفرَ عليه { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مّن سُلْطَـٰنٍ } من قهرٍ وتسلُّطٍ نسلبكم به اختيارَكم { بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَـٰغِينَ } مُختارين للطُّغيانِ مُصرِّين عليه { فَحَقَّ عَلَيْنَا } أي لزمنا وثبتَ علينا { قَوْلُ رَبّنَا } وهو قولُه تعالى:لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } [سورة ص: الآية 85] { إِنَّا لَذَائِقُونَ } أي العذابَ الذي وردَ به الوعيدُ { فَأَغْوَيْنَـٰكُمْ } فدَعوناكم إلى الغيِّ دعوةً غيرَ مُلجئةٍ فاستجبتُم لنا باختيارِكم واستحبابِكم الغيَّ على الرُّشدِ { إِنَّا كُنَّا غَـٰوِينَ } فلا عتبَ علينا في تعرُّضِنا لإغوائِكم بتلك المرتبةِ من الدَّعوةِ لتكونُوا أمثالنا في الغوايةِ. { فَإِنَّهُمْ } أي الأتباعُ والمتبُوعينَ { يَوْمَئِذٍ فِى ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } حسبما كانُوا مشتركينَ في الغواية { إِنَّا كَذَلِكَ } أي مثلَ ذلك الفعلِ البديعِ الذي تقتضيهِ الحكمةُ التَّشريعيَّةُ { نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ } المتناهينَ في الإجرامِ وهم المُشركون كما يُعرب عنه التَّعليلُ بقولهِ تعالى: { إِنَّهُمْ كَانُواْ إِذَا قِيلَ لَهُمْ } بطريقِ الدَّعوةِ والتَّلقينِ { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } عن القبولِ { وَيَقُولُونَ أَئنَّا لَتَارِكُو ءالِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ بَلْ جَاء بِٱلْحَقّ وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } ردٌّ عليهم وتكذيبٌ لهم ببـيانِ أنَّ ما جاء به من التَّوحيدِ هو الحقُّ الذي قام به البُرهان وأجمعَ عليه كافَّةُ الرُّسلِ عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ فأينَ الشِّعرُ والجنونُ من ساحتهِ الرَّفيعةِ { إِنَّكُمْ } بما فعلتُم من الإشراكِ وتكذيبِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ والاستكبارِ { لَذَائِقُو ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمِ } والالتفاتُ لإظهارِ كمالِ الغضبِ عليهم. وقُرىء بنصبِ العذابِ على تقديرِ النُّون كقولهِ
ولا ذاكرُ اللَّهَ إلا قليلاً.   
وقُرىء لذائقونَ العذابَ على الأصلِ.