الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِيُّ ٱلْحَمِيدُ } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُـمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } * { وَمَا ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ }

{ إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَاءكُمْ } استئنافٌ مقرر لمضمون ما قبله كاشفٌ عن جليةِ حالِ ما يدعونَه بأنَّه جمادٌ ليس من شأنِه السَّماعُ { وَلَوْ سَمِعُواْ } على الفرضِ والتَّقديرِ { مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ } لعجزِهم عن الأفعالِ بالمرَّةِ لا لما قيلَ من أنَّهم متبرِّئون منكم وممَّا تدعُون لهم فإنَّ ذلك ممَّا لا يُتصور منهم في الدُّنيا { وَيَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ } أي يجحدونَ بإشراكِكم لهم وعبادتِكم إيَّاهم بقولِهم ما كنتُم إيَّانا تعبدونَ { وَلاَ يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } أي لا يخبرك بالأمرِ مخبرٌ مثلُ خبـيرٍ أخبرَك به وهو الحقُّ سبحانَه فإنَّه الخبـيرُ بكُنهِ الأمورِ دُون سَائرِ المخبرين. والمرادُ تحقيقُ ما أخبر به من حالِ آلهتِهم ونفيُ ما يدَّعُون لهم من الإلهيةِ.

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَاء إِلَى ٱللَّهِ } في أنفسِكم وفيما يعنُّ لكم من أمرٍ مهمَ أو خطبٍ ملمَ. وتعريفُ الفقراءِ للمبالغةِ في فقرِهم كأنَّهم لكثرةِ افتقارِهم وشدَّةِ احتياجِهم هم الفقراءُ فحسب وأنَّ افتقارَ سائرِ الخلائقِ بالنسبةِ إلى فقرِهم يمنزلةِ العدمِ ولذلك قال تعالى:وَخُلِقَ ٱلإِنسَـٰنُ ضَعِيفاً } [سورة النساء: الآية 28] { وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ الْحَمِيدُ } أي المستغنِي على الإطلاقِ المنعمُ على سائرِ الموجوداتِ المستوجبُ للحمدِ { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ } ليسُوا على صفتِكم بل مستمرُّون على الطَّاعةِ أو بعالمٍ آخرَ غيرِ ما تعرفونَهُ { وَمَا ذٰلِكَ } أي ما ذُكر من الإذهابِ بهم والإتيانِ بآخرينَ { عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ } بمتعذرٍ ولا متعسرٍ.