الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } * { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }

{ وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ } أي شدَّةٌ { دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ } راجعينَ إليه من دعاءِ غيرِه { ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مّنْهُ رَحْمَةً } خلاصاً من تلك الشدَّة { إِذَا فَرِيقٌ مّنْهُمْ بِرَبّهِمْ } الذي كانُوا دَعَوه منيبـين إليه { يُشْرِكُونَ } أي فاجأ فريقٌ منهم الإشراكَ وتخصيصُ هذا الفعلِ ببعضِهم لما أنَّ بعضَهم ليسُوا كذلك كما في قولِه تعالى:فَلَمَّا نَجَّـٰهُمْ إِلَى ٱلْبَرّ فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } [سورة لقمان: الآية 32] أي مقيمٌ على الطَّريقِ القصدِ أو متوسطٌ في الكفرِ لانزجارهِ في الجُملة { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ ءاتَيْنَـٰهُمْ } اللامُ فيه للعاقبةِ وقيل للأمرِ التَّهديديِّ كقولِه تعالى: { فَتَمَتَّعُواْ } غيرَ أنَّه التفتَ فيه للمبالغةِ وقرىء وليتمتَّعوا { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبةَ تمتُّعِكم. وقُرىء بالياءِ، على أنَّ تمتَّعوا ماضٍ والالتفاتُ إلى الغَيبةِ في قوله تعالى: { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ } للإيذان بالإعراضِ عنهم وتعديدِ جناياتِهم لغيرِهم بطريقِ المُباثّةِ { سُلْطَـٰناً } أي حجَّةً واضحةً وقيل: ذا سلطانٍ أي مَلَكاً معه برهانٌ { فَهُوَ يَتَكَلَّمُ } تكلُّمَ دلالةٍ كما في قولِه تعالى:هَـٰذَا كِتَـٰبُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقّ } [سورة الجاثية: الآية 29] أو تكلُّمَ نطقٍ { بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } بإشراكهم به تعالى أو بالأمر الذي بسببه يُشركون. { وَإِذَا أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً } أي نعمة من صَّحةٍ وسَعَةٍ { فَرِحُواْ بِهَا } بَطَراً وأشَراً لا حَمْداً وشُكْراً { وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ } شدَّةٌ { بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ } بشؤمِ معاصِيهم { إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } فاجؤوا القُنوطَ من رحمتهِ تعالى وقُرىء بكسرِ النُّونِ.

{ أَوَلَمْ يَرَوْاْ } أي ألم ينظرُوا ولم يشاهدُوا { أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرّزْقَ لِمَن يَشَاء وَيَقْدِرُ } فما لهم لم يشكرُوا ولم يحتسبُوا في السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ كالمؤمنينَ { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فيستدلُّون بها على كمالِ القدرةِ والحكمةِ.