الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُوۤاْ إِنِّيۤ آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّيۤ آتِيكُمْ مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ }

{ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلأَجَلَ } فصيحةٌ، أي فعقدا العقدينِ وباشر موسى ما التزمه فلما أتمَّ الأجلَ { وَسَارَ بِأَهْلِهِ } نحوَ مصرَ بإذنٍ من شُعيبٍ عليهما السَّلامُ. رُوي أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قضَى أبعدَ الأجلينِ ومكثَ عنَدُه بعد ذلك عشرَ شنينَ ثمَّ عزمَ على العودِ إلى مصرَ فاستأذنَه في ذلكَ فأذنَ له فخرجَ بأهلِه { آنَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ } أي أبصرَ من الجهةِ التي تلي الطُّورَ { نَاراً قَالَ لأَهْلِهِ ٱمْكُثُواْ إِنّي ءانَسْتُ نَاراً لَّعَلِي ءاتِيكُمْ مّنْهَا بِخَبَرٍ } أي بخبرِ الطِّريقِ وقد كانُوا ضلُّوه { أَوْ جَذْوَةٍ } أي عُودٍ غليظٍ سواء كانتْ في رأسِه نارٌ أو لا، قال قائلُهم:[البسيط]
باتتْ حواطبُ لَيْلَى يلتمسنَ لها   جزلَ الجَذَى غيرَ خوَّارٍ ولا دعِرِ
وقال: [الطويل]
وألقى على قبْسٍ من النَّار جذوة   شديداً عليها حرُّها والتهابُها
ولذلك بـيَّن بقولِه تعالى { مِنَ ٱلنَّارِ } وقُرىء بكسرِ الجيمِ وبضمِّها، وكلَّها لغاتٌ { لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ } أي تستدفئونَ.