الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ أَم مَّنْ جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً } قيلَ: هو بدلٌ من أمْ مَنْ خلقَ السمواتِ الخ وكذا ما بعدَه من الجُملِ الثَّلاثِ، وحكم الكلِّ واحدٌ والأظهرُ أنَّ كلَّ واحدةٍ منها إضرابٌ وانتقالٌ من التبكيتِ بما قبلها إلى التبكيتِ بوجهٍ آخرَ أدخلُ في الإلزامِ بجهةٍ من الجهاتِ أي جعلها بحيثُ بستقرُّ عليها الإنسانُ والدوابُّ بإبداءِ بعضِها من الماءِ ودخولها وتسويتِها حسبما تدورُ عليه منافعهُم { وَجَعَلَ خِلاَلَهَا } أوساطَها { أَنْهَاراً } جاريةً ينتفعونَ بها { وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِىَ } أي جبالاً ثوابتَ تمنعها أنْ تميدَ بأهلها ويتكونُ فيها المعادنُ وينبعُ في حضيضِها الينابـيعُ ويتعلقُ بها من المصالح ما لا يُحصى { وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ } أي العذابِ والمالحِ أو خليجيْ فارسَ والرومِ { حَاجِزاً } برزخاً مانعاً من الممازجةِ وقد مرَّ في سورةِ الفرقانِ، والجعلُ في المواقعِ الثلاثةِ الأخيرةِ إبداعيٌّ وتأخيرُ مفعولِه عن الظرفِ لما مرَّ مراراً من التَّشويقِ { أَءِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللهِ } في الوجودِ أو في إبداعِ هذه البدائعِ على ما مرَّ. { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } أي شيئاً من الأشياءِ ولذلك لا يفهمونَ بطلانَ ما هُم عليهِ من الشركِ مع كمالِ ظهورِه.