الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَلاَ تُطِيعُوۤاْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ } * { قَالُوۤاْ إِنَّمَآ أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } * { مَآ أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } * { قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } * { وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوۤءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُواْ نَادِمِينَ } * { فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلاَ تُطِيعُواْ أَمْرَ ٱلْمُسْرِفِينَ } استعير الطَّاعة التي هي انقيادُ الأمرِ لامتثالِ الأمر وارتسامِه أو نُسب حكم الأمر إلى أمرِه مجازاً.

{ ٱلَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ } وصف موضِّحٌ لإسرافهم ولذلك عطف { وَلاَ يُصْلِحُونَ } على يُفسدون لبـيان خلوصِ إفسادِهم عن مخالطةِ الإصلاحِ.

{ قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مِنَ ٱلْمُسَحَّرِينَ } أي الذين سُحروا حتَّى غُلب على عقولِهم أو من ذوي السَّحْر أي الرِّئةِ أي من الإنسِ فيكون قولُه تعالى: { مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا } تأكيداً له { فَأْتِ بِئَايَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ } أي في دعواكَ.

{ قَالَ هَـٰذِهِ نَاقَةٌ } أي بعدما أخرجَها الله تعالى من الصَّخرةِ بدعائه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حسبما مرَّ تفصيلُه في سورةِ الأعرافِ وسورة هودٍ { لَّهَا شِرْبٌ } أي نصيبٌ من الماء كالسِّقيِ والقِيت للحظِّ من السِّقيِ والقُوت وقُرىء بالضَّمِّ { وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ } فاقتنعُوا بشربكم ولا تزاحمُوا على شِربها.

{ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوء } كضرب وعقر { فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ } وصف اليوم بالعظمِ لعظم ما يحلُّ فيه وهو أبلغُ من تعظيم العذابِ.

{ فَعَقَرُوهَا } أسند العقرَ إلى كلِّهم لما أنَّ عاقَرها عقرَها برأيهم ولذلك عمَّهم العذابُ { فَأَصْبَحُواْ نَـٰدِمِينَ } خوفاً من حُلول العذابِ لا توبةً أو عند معاينتهم لمباديه ولذلكَ لَمُ ينفعْهم النَّدمُ وإن كان بطريق التَّوبةِ.

{ فَأَخَذَهُمُ ٱلْعَذَابُ } أي العذابُ الموعودُ { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } قيل: في نفيِ الإيمانِ عن أكثرِهم في هذا المعرض إيماءً إلى أنَّه لو آمن أكثرُهم أو شطرُهم لما أُخذوا بالعذابِ وأنَّ قُريشاً إنَّما عُصموا من مثلِه ببركةِ مَن آمنَ منهم وأنتَ خبـيرٌ بأن قُريشاً هم المشهورونَ بعدمِ إيمانِ أكثرِهم.