الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

{ خَـٰلِدِينَ فِيهَا } لا يموتُون ولا يُخرجون { حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } الكلام فيه كالذي مرَّ في مقابلة.

{ قُلْ } أُمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأنْ يبـيِّن للنَّاسِ أنَّ الفائزينَ بتلك النَّعماءِ الجليلةِ التي يتنافسُ فيها المتنافسون إنَّما نالُوها بما عُدِّدَ من محاسنِهم ولوها لم يُعتدَّ بهم أصلاً أي قُل لهم كافَّةً مشافِهاً لهم بما صدرَ عن جنسهم من خيرٍ وشرَ { مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّى لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } أيْ أيُّ عبءٍ يُعبأُ بكم وأيُّ اعتدادٍ يُعتدُّ بكم لولا عبادتُكم له تعالى حسبما مرَّ تفصيلُه فإنَّ ما خُلق له الإنسانُ معرفتُه تعالى وطاعتُه وإلاَّ فهو وسائرُ البهائمِ سواءٌ. وقال الزَّجَّاجُ: معناه أيُّ وزنٍ يكون لكم عنده، وقيل معناه ما يصنع بكم ربـي لولا دعاؤه إيَّاكم إلى الإسلامِ وقيل: ما يصنعُ بعذابِكم لولا دعاؤكم معه آلهةً ويجوزُ أنْ تكونَ ما نافيةً، وقوله تعالى: { فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } بـيانٌ لحال الكَفَرةِ من المخاطَبـين كما أنَّ ما قبله بـيانٌ لحال المُؤمنين منُهم أي فقد كذَّبتُم بما أخبرتُكم به وخالفتمُوه أيُّها الكَفَرةُ ولم تعملوا عملَ أولئك المذكورينَ وقيل: فقد قصَّرتمُ في العبادة من قولهم كذَب القتالُ إذا لم يُبالغ فيه. وقُرىء فقد كذبَ الكافرون أي الكافرون منكُم لعمومِ الخطابِ للفريقينِ وفائدتُه الإيذانُ بأنَّ مناطَ فوزِ أحدِهما وخسرانِ الآخر مع الاتِّحاد الجنسيِّ المصحِّحِ للاشتراكِ في الفوزِ ليس إلا اختلافُهما في الأعمال { فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً } أي يكون جزاءُ التكذيبِ أو أثرُه لازماً يحيقُ بكم لا محالةَ حتَّى يُكبكم في النَّارِ كما تُعربُ عنه الفاءُ الدَّالَّةُ على لزومِ ما بعدها لما قبلَها، وإنَّما أُضمر من غير ذكرٍ للإيذان بغاية ظهوره وتهويل أمره وللتنبـيه على أنه مَّما لا يُكتنهه البـيانُ وقيل: يكون العذابُ لزاماً. وعن مجاهدٍ رحمه الله: هو القتلُ يومَ بدرٍ وأنه لُوزم بـين القَتْلى وقُرىء لَزاماً بالفتح بمعنى اللُّزومِ كالثَّباتِ والثُّبوتِ.

عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: " مَن قرأ سورةَ الفرقانِ لقي الله تعالَى وهُو مؤمنٌ بأنَّ السَّاعةَ آتيةٌ لا ريبَ فيها وأُدخلَ الجَنةَ بغيرِ نصبٍ ".