الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُوراً } * { تَبَارَكَ ٱلَّذِي جَعَلَ فِي ٱلسَّمَآءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً }

{ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } قالُوه لما أنَّهم ما كانُوا يُطلقونَهُ على الله تعالى، أو لأنَّهم ظنُّوا أنَّ المرادَ به غيرُه تعالى ولذلك قالُوا { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } أي للذي تأمرُنا بسجودِه أو لأمرِك إيَّانا من غيرِ أنْ نعرفَ أنَّ المسجودَ ماذا. وقيل: لأنَّه كانَ مُعرَّباً لم يسمعُوه. وقُرىء يأْمُرنا بـياءِ الغَيبةِ على أنَّه قولُ بعضِهم لبعضٍ { وَزَادَهُمْ } أي الأمرُ بسجودِ الرَّحمنِ { نُفُورًا } عن الإيمانِ.

{ تَبَارَكَ ٱلَّذِى جَعَلَ فِى ٱلسَّمَاء بُرُوجاً } هي البروجُ الاثنا عشرَ، سُّمِّيتْ به، وهي القُصور العاليةُ لأنَّها للكواكبِ السَّيارةِ كالمنازلِ الرَّفيعةِ لسُكَّانِها. واشتقاقُه من البُرجِ لظهورِه { وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً } هي الشَّمسُ لقولِه تَعالَى وجعل الشَّمسَ سراجاً. وقُرىء سُرُجاً وهي الشَّمسُ والكواكبُ الكبارُ { وَقَمَراً مُّنِيراً } مُضيئاً بالليَّل وقُرىء قُمْراً أي ذات قمرٍ وهي جمعُ قَمراءَ ولما أنَّ اللَّياليَ بالقمرِ تكونُ قمراءَ أُضيف إليها ثمَّ حُذفَ وأُجريَ حكمُه على المضافِ إليهِ القائمِ مقامَهُ كما في قولِ حسَّانَ رضَي الله عنْهُ: [الكامل]
يَسْقُونَ من وردِ البريصِ عَلَيْهِمُ   بَرَدىٰ يُصفَّقُ بالرَّحيقِ السَّلسلِ
أي ماءُ بَردى ويُحتمل أنَّ يكونَ بمعنى القمرِ كالرَّشدِ والرُّشدِ والعَرَبِ والعُرْبِ.