الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } * { ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } * { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِنَّ ذٰلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ }

{ وَإِن جَـٰدَلُوكَ } بعد ظهورِ الحقِّ بما ذُكر من التَّحقيق ولزومِ الحُجَّةِ عليهم { فَقُلْ } لهم على سبـيل الوعيدِ { ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } من الأباطيلِ التي من جُملتها المجادلةُ.

{ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } يفصل بـين المؤمنين منكُم والكافرينَ { يَوْمُ ٱلْقِيَـٰمَةِ } بالثَّوابِ والعقابِ كما فصَل في الدُّنيا بالحججِ والآياتِ { فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من أمرِ الدِّينِ.

{ أَلَمْ تَعْلَمْ } استئنافٌ مقرِّرٌ لمضمونِ ما قبله، والاستفهامُ للتَّقرير أي قد علمتَ { أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } فلا يخفى عليه شيءٌ من الأشياء التي من جُملتها ما يقوله الكَفَرةُ وما يعملونَهُ { إِنَّ ذٰلِكَ } أي ما في السَّماءِ والأرضِ { فِى كِتَـٰبِ } هو اللَّوحُ قد كُتب فيه قبل حدوثِه فلا يُهمنَّك أمرُهم مع علمِنا به وحفظِنا له { إِنَّ ذٰلِكَ } أي ما ذُكر من العلمِ والإحاطةِ به وإثباتِه في اللَّوحِ أو الحكم بـينكم { عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } فإنَّ علمَه وقدرتَه مُقتضى ذاتِه فلا يَخْفى عليه شيءٌ ولا يعسرُ عليه مقدورٌ.

{ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } حكايةٌ لبعض أباطيلِ المشركينَ وأحوالِهم الدَّالَّةِ على كمال سخافةِ عقولِهم وركاكةِ آرائِهم من بناء أمرِ دينِهم على غيرِ مَبْنى من دليلٍ سمعيَ أو عقليَ وإعراضِهم عمَّا أُلقي عليهم من سلطانٍ بـيِّنٍ هو أساسُ الدِّينِ وقاعدتُه أشدَّ إعراضٍ أي يعبدُون متجاوزينَ عبادةَ الله { مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ } أي بجوازِ عبادتِه { سُلْطَـٰناً } أي حجَّةً { وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ } أي بجواز عبادتِه { عِلْمٍ } من ضرورة العقلِ أو استدلاله { وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ } أي الذينَ ارتكبُوا مثل هذا الظُّلمِ العظيمِ الذي يقضي ببطلانِه وكونِه ظُلماً بديهةُ العقولِ { مِن نَّصِيرٍ } يساعدُهم بنصرةِ مذهبِهم وتقريرِ رأيهم أو بدفعِ العذابِ الذي يعتريهم بسببِ ظلمِهم.