الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ }

{ لَوْ كَانَ هَـؤُلاء } أي أصنامُهم { ءالِهَةً } كما يزعمون { مَّا وَرَدُوهَا } وحيث تبـين ورودُهم إياها تعين امتناعُ كونها آلهةً بالضرورة، وهذا كما ترى صريحٌ في أن المرادَ بما يعبدون هي الأصنامُ لأن المرادَ إثباتُ نقيضِ ما يدّعونه وهم إنما يدّعون إلٰهيةَ الأصنام لا إلٰهيةَ الشياطين حتى يُحتجَّ بورودها النارَ على عدم آلِهيّتها، وأما ما وقع في الحديث الشريف فقد وقع بطريق التكملة بانجرار الكلام إليه عند بـيان ما سيق له النظمُ الكريم بطريق العبارة، حيث سأل ابنُ الزِّبَعْرىٰ عن حال سائرِ المعبودين وكان الاقتصارُ على الجواب الأول مما يوهم الرخصةَ في عبادتهم في الجملة لأنهم المعبودون عندهم، أجيب ببـيان أن المعبودين هم الشياطينُ وأنهم داخلون في حكم النص لكن بطريق الدِلالة لا بطريق العبارة لئلا يلزَمَ التدافعُ بـين الخبرين { وَكُلٌّ } أي من العبَدة والمعبودين { فِيهَا خَـٰلِدُونَ } لا خلاصَ لهم عنها.

{ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ } أي أنينٌ وتنفسٌ شديدٌ وهو مع كونه من أفعال العبَدة أضيف إلى الكل للتغليب، ويجوز أن يكون الضميرُ للعبدة لعدم الإلباس وكذا في قوله تعالى: { وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } أي لا يسمع بعضُهم زفيرَ بعض لشدة الهول وفظاعةِ العذاب، وقيل: لا يسمعون ما يسرهم من الكلام.