الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قُلْنَا ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً وَقُولُواْ حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وَإِذْ قُلْنَا } تذكير لنعمة أخرى من جَنابه تعالى وكَفْرةٌ أخرى لأسلافهم أي واذكروا وقت قولِنا لآبائكم إثرَ ما أنقذناهم من التيه { ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } منصوبةٌ على الظرفية عند سيبويه وعلى المفعولية عند الأخفش، وهي بـيتُ المقدِس وقيل: أريحا { فَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا } أي واسعاً هنيئاً ونصبُه على المصدرية أو الحالية من ضمير المخاطبـين، وفيه دلالة على أن المأمورَ به الدخولُ على وجه الإقامة والسُكنى، فيؤول إلى ما في سورة الأعراف من قوله تعالى:ٱسْكُنُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَة } [الكهف، الآية 12] { وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ } أي بابَ القرية على ما رُوي من أنهم دخلوا أريحاءَ في زمن موسى عليه السلام كما سيجىء في سورة المائدة أو بابَ القبة التي كانوا يصلّون إليها فإنهم لم يدخلوا بـيت المقدس في حياة موسى عليه السلام { سُجَّدًا } أي متطامنين مُخْبتين أو ساجدين لله شكراً على إخراجهم من التيه { وَقُولُواْ حِطَّةٌ } أي مسألتُنا أو أمرُك حِطة وهي فِعلة من الحط كالجِلسة وقرىء بالنصب على الأصل بمعنى حُطَّ عنا ذنوبَنا حِطة أو على أنها مفعول قولوا أي قولوا هذه الكلمة وقيل: معناها أمرُنا حِطة أي أن نحُطَّ رحالنا في هذه القرية ونقيمَ بها { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَـٰيَـٰكُمْ } لما تفعلون من السجود والدعاء، وقرىء بالياء والتاء على البناء للمفعول، وأصلُ خطايا خطايـىءُ كخضايع فعند سيبويه أُبدلت الياءُ الزائدة همزة لوقوعها بعد الألف واجتمعت همزتان وأُبدلت الثانية ياء، ثم قلبت ألفاً وكانت الهمزة بـين ألفين فأُبدلت ياءً وعند الخليل قُدمت الهمزة على الياء ثم فُعل بها ما ذكر { وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } ثواباً جعل الامتثالَ توبةً للمسيءِ وسبباً لزيادة الثواب للمُحْسِنِ وأُخرج ذلك عن صورة الجواب إلى الوعد إيذاناً بأن المحسنَ بصدد ذلك وإن لم يفعله فكيف إذا فعله وأنه يفعله لا محالة.