الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِٱلْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

{ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوٰلَكُمْ بَيْنَكُم بِٱلْبَاطِلِ } نهيٌ عن أكل بعضِهم أموالَ بعضٍ على خلاف حُكم الله تعالى بعد النهيِ عن أكل أموالِ أنفسِهم في نهار رمضانَ أي لا يأكل بعضكم أموال بعض بالوجه الذي لم يُبِحْه الله تعالى و(بـيْن) نصبٌ على الظرفية أو الحالية من أموالكم { وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى ٱلْحُكَّامِ } عطفٌ على المنهيِّ عنه أو نُصِبَ بإضمار أن، والإدلاءُ الإلقاءُ أي ولا تُلقوا حكومتَها إلى الحكام { لِتَأْكُلُواْ } بالتحاكم إليهم { فَرِيقًا مّنْ أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ بِٱلإثْمِ } بما يوجبُ إثماً كشهادة الزورِ واليمينِ الفاجرةِ أو ملتبسين بالإثم { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } أنكم مُبْطلون فإن ارتكابَ المعاصي مع العلم بها أقبحُ. رُوي أن عبدانَ الحضْرمي ادَّعى على امرىءِ القيسِ الكنديِّ قطعةَ أرضٍ ولم يكن له بـينةٌ فحَكَم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحلِفَ امرُؤُ القيسِ فهمّ به فقرأ عليه الصلاة والسلام:إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَأَيْمَـٰنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيًلا } [آل عمران، الآية 77] الآية، فارتدَعَ عن اليمين فسلّم الأرضَ إلى عبدان فنزلت. " ورُوي أنه اختصم إليه خصمان فقال عليه السلام: " إنما أنا بشرٌ مثلُكم وأنتم تختصِمون إلي، ولعل بعضَكم ألحنُ بحجَّته من بعضٍ فأقضِيَ له على نحو ما أسمَع منه، فمن قضَيْتُ له بشيءٍ من حقِّ أخيه فإنما أقضي له قطعة من نار " فبَكَيا فقال كلُّ واحدٍ منهما: حقي لصاحبـي فقال: " اذهبا فتآخَيا ثم ليُحِلَّ كلُّ واحدٍ منكما صاحبَه "