الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } * { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً }

{ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَـٰهُ } أي القرآنَ { بِلَسَانِكَ } بأن أنزلناه على لغتك والباء بمعنى على، وقيل: ضُمّن التيسيرُ معنى الإنزالِ أي يسرنا القرآنَ منزِلين له بلغتك، والفاءُ لتعليل أمرٍ ينساق إليه النظمُ الكريم، كأنه قيل بعد إيحاءِ السورةِ الكريمة: بلِّغْ هذا المنزلَ أو بشر به وأنذر فإنما يسرناه بلسانك العربـي المبـين.

{ لِتُبَشّرَ بِهِ ٱلْمُتَّقِينَ } أي الصائرين إلى التقوى بامتثال ما فيه من الأمر والنهي { وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُّدّاً } لا يؤمنون به لجَاجاً وعِناداً، واللُّد جمعُ الألد وهو الشديدُ الخصومة اللَّجوجُ المعانِدُ.

وقوله تعالى: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ } وعدٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في ضمن وعيدِ الكفرة بالإهلاك وحثٌّ له عليه الصلاة والسلام على الإنذار، أي قَرْناً كثيراً أهلكنا قبل هؤلاء المعاندين وقوله تعالى: { هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مّنْ أَحَدٍ } استئنافٌ مقرِّرٌ لمضمون ما قبله، أي هل تشعُر بأحد منهم وترى { أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً } أي صوتاً خفيفاً، وأصلُ الرِكْز هو الخفاءُ ومنه رَكَز الرمحَ إذا غَيَّب طرفه في الأرض، والرِّكازُ المالُ المدفونُ المخفيُّ، والمعنى أهلكناهم بالكلية واستأصلناهم بحيث لا يُرى منهم أحدٌ ولا يسمع منهم صوتٌ خفيّ.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ سورة مريمَ أُعطِي عشرَ حسناتٍ بعدد من كذّب زكريا وصدّق به ويحيـى وعيسى وسائرَ الأنبـياءِ المذكورين فيها، وبعدد مَنْ دعا الله تعالى في الدنيا ومن لم يدْع الله تعالى ".