الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى ٱلأَرَآئِكِ نِعْمَ ٱلثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ } في محل التعليلِ للحث على الإيمان المنفهِم من التخيـير، كأنه قيل: وللذين آمنوا، ولعل تغيـيرَ سبكه للإيذان بكمال تنافي مآليْ الفريقين أي إن الذين آمنوا بالحق الذي أوحيَ إليك { وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَاتِ } حسبما بـين في تضاعيفه { إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } خبرُ إن الأولى هي الثانيةُ مع ما في حيزها والراجعُ محذوفٌ أي من أحسنَ منهم عملاً أو مستغنًى عنه كما في قولك: نعم الرجلُ زيدٌ أو واقعٌ موقعَه الظاهرَ فإن من أحسن عملاً في الحقيقة هو الذي آمن وعمِل الصالحات.

{ أُوْلَـٰئِكَ } المنعوتون بالنعوت الجليلة { لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ ٱلأَنْهَـٰرُ } استئنافٌ لبـيان الأجر، أو هو الخبرُ وما بـينهما اعتراضٌ أو هو خبرٌ بعد خبر { يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ } من الأولى ابتدائيةٌ والثانيةُ صفةٌ لأساور والتنكيرُ للتفخيم وهو جمعُ أَسوِرة أو إسْوار جمع سِوار { وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا } خُصت الخُضرة بثيابهم لأنها أحسنُ الألوان وأكثرُها طراوة { مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ } أي مما رقّ من الديباج وغلُظ، جمعَ بـين النوعين للدِلالة على أن فيها ما تشتهي الأنفسُ وتلَذّ الأعين { مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَىٰ ٱلأَرَائِكِ } على السرُر على ما هو شأن المتنعمين { نِعْمَ ٱلثَّوَابُ } ذلك { وَحَسُنَتْ } أي الأرائك { مُرْتَفَقًا } أي متكأ.