الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ }

{ قَالَ رَبّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى } الباء للقسم وما مصدريةٌ والجواب { لأزَيّنَنَّ لَهُمْ } أي أقسم بإغوائك إيايَ لأزينن لهم المعاصيَ { فِى ٱلأَرْضِ } أي في الدنيا التي هي دارُ الغرور كقوله تعالى:أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ } [الأعراف: 176] وإقسامُه بعزة الله المفسَّرةِ بسلطانه وقهره لا ينافي إقسامَه بهذا، فإنه فرْعٌ من فروعها وأثرٌ من آثارها، فلعله أقسم بهما جميعاً فحُكي تارة قسمُه بهذا وأخرى بذاك، أو للسببـية، وقوله: لأزينن، جوابُ قسمٍ محذوف، والمعنى بسبب تسبُّبِك لإغوائي أقسم لأفعلن بهم مثلَ ما فعلت بـي من التسبـيب لإغوائهم بتزيـين المعاصي وتسويلِ الأباطيل، والمعتزلةُ أوّلوا الإغواءَ بالنسبة إلى الغيّ أو التسببب له لأمره إياه بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام، واعتذروا عن إمهال الله تعالى وتسليطِه له على إغواء بني آدم بأنه تعالى قد علِم منه وممن تبِعه أنهم يموتون على الكفر ويصيرون إلى النار، أُمهل أم لم يُمهَل، وأن في إمهاله تعويضاً لمن خالفه لاستحقاق مزيدِ الثواب { وَلأَغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } لأحمِلنّهم على الغواية.

{ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } الذين أخلصتَهم لطاعتك وطهَّرتَهم من الشوائب، فلا يعملُ فيهم كيدي، وقرىء بكسر اللام، أي الذين أخلصوا نفوسَهم لله تعالى.