الرئيسية - التفاسير


* تفسير إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم/ ابو السعود (ت 951 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } * { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } * { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } * { أَفَأَمِنُوۤاْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ }

{ وَمَا أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ } يريد به العمومَ أو أهلَ مكة { وَلَوْ حَرَصْتَ } أي على إيمانهم وبالغت في إظهار الآياتِ القاطعةِ الدالةِ على صدقك { بِمُؤْمِنِينَ } لتصميمهم على الكفر وإصرارِهم على العناد، روي أن اليهود وقريشاً لما سألوا عن قصة يوسفَ وعدوا أن يُسْلموا فلما أخبرهم بها على موافقة التوراةِ فلم يسلموا حزِن النبـيُّ صلى الله عليه وسلم فقيل له ذلك { وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ } أي على الإنباء أو على القرآن { مِنْ أَجْرٍ } من جُعْل كما يفعله حَمَلةُ الأخبار { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ } عظةٌ من الله تعالى { لّلْعَـٰلَمِينَ } كافة لا أن ذلك مختصٌّ بهم.

{ وَكَأَيّن مِن ءايَةٍ } أي كأي عددٍ شئت من الآيات والعلاماتِ الدالةِ على وجود الصانِع ووحدتِه وكمال علمِه وقدرتِه وحكمته غيرِ هذه الآيةِ التي جئتَ بها { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ وٱلأَرْضِ } أي كائنةٍ فيهما من الأجرام الفلكية وما فيها من النجوم وتغيّر أحوالها ومن الجبال والبحار وسائرِ ما في الأرض من العجائب الفائتةِ للحصر { يَمُرُّونَ عَلَيْهَا } أي يشاهدونها ولا يعبأون بها، وقرىء برفع (الأرضِ) على الابتداء ويمرّون خبره وقرىء بنصبها على معنى ويطؤون الأرضَ يمرون عليها وفي مصحف عبد اللَّه { وٱلأَرْضِ يَمْشُونَ عَلَيْهَا } والمراد ما يرَون فيها من آثار الأمم الهالكةِ وغيرُ ذلك من الآيات والعبر { وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } غيرُ ناظرين إليها ولا متفكّرين فيها { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ } في إقرارهم بوجوده وخالقيته { إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } بعبادتهم لغيره أو باتخاذهم الأحبارَ والرهبانَ أرباباً أو بقولهم باتخاذه تعالى ولداً سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبـيراً، أو بالنور والظلمة، وهي جملةٌ حالية أي لا يؤمن أكثرُهم إلا في حال شركِهم، قيل: نزلت الآيةُ في أهل مكة، وقيل: في المنافقين، وقيل: في أهل الكتاب.

{ أَفَأَمِنُواْ أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مّنْ عَذَابِ ٱللَّهِ } أي عقوبةٌ تغشاهم وتشمَلُهم { أَوْ تَأْتِيَهُمُ ٱلسَّاعَةُ بَغْتَةً } فجأةً من غير سابقةِ علامة { وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } بإتيانها غير مستعدّين لها.