الرئيسية - التفاسير


* تفسير الدر المنثور في التفسير بالمأثور/ السيوطي (ت 911 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

أخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: كانت العرب يحلون عاماً شهراً وعاماً شهرين، ولا يصيبون الحج إلا في كل ستة وعشرين سنة مرة، وهو النسىء الذي ذكر الله تعالى في كتابه، فلما كان عام الحج الأكبر ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام المقبل فاستقبل الناس الأهلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض ".

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عمر قال " وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة فقال: إن النسىء من الشيطان { زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً } فكانوا يحرمون المحرم عاماً ويحرمون صفراً عاماً، ويستحلون المحرم وهو النسىء ".

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال: كان جنادة بن عوف الكناني يوفي الموسم كل عام، وكان يكنى أبا ثمادة فينادي: ألا أن أبا ثمادة لا يخاف ولا يعاب، ألا إن صفر الأول حلال، وكان طوائف من العرب إذا أرادوا أن يغيروا على بعض عدوهم أتوه فقالوا: أحل لنا هذا الشهر - يعنون صفر - وكانت العرب لا تقاتل في الأشهر الحرم فيحله لهم عاماً ويحرمه عليهم في العام الآخر، ويحرم المحرم في قابل { ليواطئوا عدة ما حرم الله } يقول: ليجعلوا الحرم أربعة غير أنهم جعلوا صفراً عاماً حلالاً وعاماً حراماً.

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت النساة حياً من بني مالك من كنانة من بني تميم، فكان أخراهم رجلاً يقال له القلمس وهو الذي أنسأ المحرم، وكان ملكاً، كان يحل عاماً ويحرمه عاماً، فإذا حرمه كانت ثلاثة أشهر متوالية، ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وهي العدة التي حرم الله في عهد إبراهيم عليه السلام، فإذا أحله دخل مكانه صفر في المحرم ليواطىء العدة يقول: قد أكملت الأربعة كما كانت لأني لم أحل شهراً إلا وقد حرمت مكانه شهراً، فكانت على ذلك العرب من يدين للقلمس بملكه حتى بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم، فأكمل الحرم ثلاثة أشهر متوالية ورجب شهر مضر الذي بين جمادى وشعبان.

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي وائل رضي الله عنه في قوله { إنما النسيء زيادة في الكفر } قال: نزلت في رجل من بني كنانة يقال له نسيّ، كان يجعل المحرم صفراً ليستحل فيه المغانم.

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي وائل رضي الله عنه قال: كان الناسي رجلاً من كنانة ذا رأي يأخذون من رأيه رأساً فيهم، فكان عاماً يجعل المحرم صفراً فيغيرون فيه ويستحلونه فيصيبون فيغنمون، وكان عاماً يحرمه.

السابقالتالي
2